للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم قال: "كُفَّ عَلَيْكَ هَذا"، قلت: يا رسول الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلَّم به؟ فقال:

ــ

الجنة والمباعدة من النار فكان الجهاد رأس أمر السائل وعموده وذروة سنامه. قوله: (بملاك ذلك) بكسر الميم -قال ابن حجر الهيتمي والفتح- أي بمقصوده وجماعة أي بما يقوم به وقال الكازروني: ملاك الشيء ما به إحكامه وقوامه الذي يملك به م ل ك للربط والشد والملاك بكسر الميم لما يعتمد عليه ويقوم به وبالفتح التماسك ومنه ماله ملاك والذي في الخبر بالكسر اهـ، ومعنى كون قوام الأمر كف اللسان أي عمالاً يعني أنه إذا وجد كانت تلك الأعمال على غاية من الكمال ونهاية من صفات الأحوال وذلك غنيمة وكف اللسان عن المحارم سلامة وهي في نظر العقلاء مقدمة على الغنيمة وفي هذا إشارة إلى أن جهاد النفس بقمعها عن الكلام فيما يؤذيها أشق عليها من جهاد الكفار ولذا كان الجهاد الأكبر وجهاد الكفار الجهاد الأصغر إذ منعها هواها من أجل ما اقتناه الإنسان ومن أعظم الآداب الصمت وترك الكلام فيما لا يعني وسيأتي حديث من صمت نجا. قوله: (كف عليك) أي عنك أو ضمن كف معنى احبس والمراد حبس اللسان عن الشر لقوله في الخير السابق فليقل خيراً أو ليصمت وتقديم المجرور على المنصوب للاهتمام وجمعه -صلى الله عليه وسلم- بين إمساكه لسانه وقوله: كف الخ، مع أنه كان يمكنه أن يقول كف عليك لسانك لأن النفس بالحسيات أكف منها بالعقليات لتأخر زمن إدراك هذه عن زمن إدراك تلك فكان ذكر المعنى العقلي الجلي ثم تعيينه بالتمثيل الحسي أبلغ وأوقع في النفس لما فيه من زيادة القوة بنقله من الخفاء إلى الظهور على أكمل وجه وأبلغه. قوله: (وإنا لمؤاخذون الخ) قال الكازروني: معطوف على مقدر أي أنعزم على قولك يا نبي الله اهـ، والاستفهام فيه للتثبت والتعجب والاستغراب ولا ينافي خفاء هذا عليه قوله -صلى الله عليه وسلم- "أعلمكم

<<  <  ج: ص:  >  >>