للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"ثَكَلَتْكَ أُمُّكَ، وهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ في النارِ على وُجُوهِهِمْ إلاَّ حَصَائِدُ ألْسِنَتِهِمْ؟ ". قال الترمذي: حديث حسن صحيح.

قلت: الذِّروة بكسر الذال المعجمة وضمها:

ــ

بالحلال والحرام" معاذ لأنه إنما صار أعلمهم بعد هذا السؤال وأمثاله من أنواع التعلم والاستعادة أو المراد بالحلال والحرام المعاملات الظاهرة بين النّاس وهذا في معاملة العبد مع ربه. قوله: (ثكلتك أمك) أي فقدتك لفقدك إدراك المؤاخذة بذلك مع ظهورها والثكل من فقد الشيء والأكثر أنه يستعمل في المصاب بفلذة الكبد ومصدره الثكل بفتح الثاء وضمها يقال: فلان ثاكل وفلانة ثكلى وظاهره الدعاء عليه بالموت وليس المراد بل هذا مما جرت به عادة العرب للتحريض على الشيء والتهييج إليه أو لاستعظامه بحسب المقام وخص الثكل بالأم لقلة صبرها وشدة جزعها عن فقد الولد. قوله: (وهل ويكب الخ) الاستفهام إنكاري معطوف على مقدر أي علمت ما قلت وهل يكب، الاستفهام بمعنى النفي أي ما يكب النّاس أي أكثرهم أي يلقيهم و (حصائد) بالرفع فاعل يكب جمع حصيدة بمعنى محصودة وهي في الأصل ما يحصد من الزرع والمراد منه ما تلفظ به ألسنتهم شبه ما تكسبه الألسنة من الكلام الحرام بحصائد الزرع بجامع الكسب وشبه اللسان في تكميله ذلك بحد المنجل الذي يحصد به الزرع ففيه استعارة بالكناية من حيث تشبيه ذلك الكلام بالزرع المحصود واللسان بالمنجل بجامع أنه يحصد ولا يميز بين الرطب واليابس فكذلك اللسان فتكون الاستعارة مصرحة قاله الكازروني والحصر في ذلك إضافي إذ من النّاس من يكبه عمله لا كلامه لكن خرج ذلك مخرج المبالغة في تعظيم جرم اللسان نحو الحج عرفة أي فعظمه ذلك كما أن معظم أسباب النار الكلام كالكفر والغيبة والنميمة ونحوها ولأن الأعمال يقارنها الكلام غالباً فله حصة في ترتب الجزاء عليه عقلاً وثواباً. قوله: (بكسر الذال وضمها) قال ابن حجر

<<  <  ج: ص:  >  >>