للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى ما يسلم منهما إلا القليل من النّاس، فلعموم الحاجة إلى التحذير منهما

ــ

نقل المنذري إجماع الأمة على تحريم النميمة وعلى أنها من أعظم الذنوب عند الله عزّ وجلّ واختلف العلماء في الغيبة فقيل: إنها من الصغائر مطلقاً ونقل عن صاحب العدة وسكت المصنف عليه كالرافعي ومال إليه الجلال البلقيني واستدل له بما هو متعقب فيه كما بينه ابن حجر الهيتمي في الزواجر قال الأذرعي: إطلاق القول بأنها من الصغائر ضعيف أو باطل وقد نقل القرطبي المفسر وغيره الإجماع على أنها من الكبائر ويوافقه كلام جماعة من أصحابنا وقد غلظ أمرها في الكتاب والسنة ومن تتبع الأحاديث فيها علم أنها من الكبائر ولم أر من صرح بأنها من الصغائر غير الغزالي وصاحب العدة والعجب أنه أطلق إن ترك النهي عن المنكر من الكبائر وقضيته أن يكون السكوت عن النهي عنها من الكبائر أيضاً إذ هي من أقبح المنكرات لا سيما غيبة الأولياء وأهل الكرامات وأقل الدرجات إن لم يثبت إجماع أن يفصل بين غيبة وغيبة لتفاوت مراتبها ومفاسدها والتأذي بحسب الخفة والثقل والأذى ثم قال: بعد بيان بعض خفيف الألفاظ من ثقيلها فيقرب أن يقال ذكر الأعرج والأعمش والأسود وعيب الملبوس ونحو ذلك من الصغائر لخفة التأذي بها بخلاف الوصف بالفسق والفجور وغير ذلك من عظائم المعاصي ويجوز أن لا يفصل سداً للباب كما في الخمر ويقال للغيبة حلاوة كحلاوة التمر وضراوة كضراوة الخمر عافانا الله منها وقضى عنا حقوق أربابها فلا يحصيهم غيره سبحانه ثم نقل عن الشافعي وأكابر من أئمة المذهب القول بما قاله من أنها كبيرة قال والعجب من سكوت الرافعي على كلام صاحب

العدة وقد جزم الرافعي قبله بأن الوقيعة في أهل العلم وحملة القرآن من الكبائر وفسروا الوقيعة بالغيبة والقرآن والأحاديث متظاهرة على ذلك أي كونها كبيرة مطلقاً وقال ابن حجر في الزواجر بعد ذكر كلام طويل فظهر أن الذي دلت عليه الدلائل الكثيرة الصحيحة الظاهرة أنها كبيرة لكنها تختلف عظماً وضده باختلاف مفسدتها كما مر في كلام الأذرعي وظهر أيضاً أنها الداء العضال والسم الذي هو أحلى في الألسن من الزلال وقد جعلها من أوتي جوامع الكلم عديلة غصب المال وقتل النفس بقوله: كل المسلم على المسلم حراً

<<  <  ج: ص:  >  >>