للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بدأتُ بهما.

فأما الغيبة: فهي ذِكْرُكَ الإنسان بما فيه مما يكره، سواء كان في بدنه، أو دِينِهِ، أو دُنْياه أو نفسه، أو خَلْقه، أو خُلُقه، أو ماله، أو ولده،

ــ

الحديث والغصب والقتل كبيرتان إجماعاً فكذا ثلب العرض قلت وفي التمهيد لابن عبد البر قال الشاعر:

احذر الغيبة فهي الـ ... ـفسق لا رخصة فيه

إنما المغتاب كالآ ... كل من لحم أخيه

وتردد الزركشي في تحريم غيبة الصبي والمجنون قال في الزواجر بعد نقله ذلك عن الخادم والوجه حرمة غيبتهما وأما التوبة منها فتتوقف على أركانها ومنها هنا الاعتذار لكنه إن فات بنحو موت ووجدت باقي أركان التوبة سقط حق الله وبقي حق الآدمي. قوله: (الغيبة) أي بكسر الغين المعجمة وسكون التحتية. قوله: (ذكرك الإنسان) أي سواء كان مسلماً أو ذمياً والتعبير بالأخ في الآية والحديث نحو ذكرك أخاك الخ للعطف والتذكير بالسبب الباعث على تركها نعم الترك آكد في حق المسلم إنه أشرف وأعظم حرمة وسواء كان الإنسان حياً أو ميتاً وسواء كان ذلك بحضرته أو غيبة. قوله: (بما فيه) خرج ذكره بما يكرهه مما ليس فيه فذلك مع كونه غيبة أيضاً بهت وكذب وسيأتي ذلك في حديث مسلم قال: إن كان فيه فقد اغتبته وإلا فقد بهته المرو ليس إذ بالذكر في الحديث اللساني فقط بل هو وما يقوم مقامة من إشارة ورمز كما سيأتي في كلام المصنف. قوله: (أو في دينه) وقول بعض: لا غيبة في ذكر ما يكرهه من أمر الدين -لأنه ذم من ذمه الله تعالى ولأنه -صلى الله عليه وسلم- ذكر له عبادة امرأة وإنها تؤذي جيرانها فقال: "هي في النار" وعن امرأة أنها بخيلة فقال: "فما خيرها إذاً" -قال الغزالي إنه فاسد لأنهم كانوا يذكرون ذلك لحاجاتهم إلى تعرف الأحكام بالسؤال ولم يكن غرضهم التنقيص ولا يحتاج إلى ذلك في غير مجلسه -صلى الله عليه وسلم- والدليل عليه إجماع الأمة أن من ذكر غيره بما يكرهه فهو مغتاب لأنه داخل فيما ذكره -صلى الله عليه وسلم-. قوله: (أو نفسه) أي النفس الناطقة المعبر عنها عند قوم بالروح والوصف الذي يكره لها نحو الجهل والدناءة. قوله: (أو خلقه) بفتح المعجمة هو والخلق بضمها في الأصل بمعنى لكن خصص العرف المفتوح بما يدرك بالبصر من الأوصاف

<<  <  ج: ص:  >  >>