للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [الأنعام: ٦٨].

وروينا عن إبراهيم بن أدهم رضي الله عنه أنه دعي إلى وليمة، فحضر، فذكروا رجلاً لم يأتهم، فقالوا: إنه ثقيل، فقال إبراهيم: أنا فعلت هذا بنفسي حيث حضرت موضعاً يُغتاب فيه النّاس، فخرج ولم يأكل ثلاثة أيام. ومما أنشدوه في هذا

ــ

عنهم وهو تركهم أي ترك الجلوس معهم، يبينه قوله تعالى وقد نزل عليكم الآية وفيها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره. قوله: (وإما ينسينك الشيطان) أي بشغله لك عن النهي عن مجالستهم. قوله: (فلا تقعد) أي معهم (بعد الذكرى) أي بعد ذكرك النهي أي تذكرك وما أحسن مجيء الشرط الأول بإذا التي للمحقق لأن كونهم يخوضون في الآيات محقق ومجيء الشرط الثاني بأن لأن أن لغير المحقق وجاء (مع القوم الظالمين) تنبيهاً على علة الخوض في الآيات والطعن فيها وإن سبب ذلك ظلمهم وهو مجاوزة الحد وما زائدة بعد إن الشرطية والفعل وفي لحقته النون الشديدة وكثر ذلك في القرآن ويجوز في غير القرآن حذف ما ونون التوكيد وحذف أيهما شئت فتقول: إما تقم أقم وإن تقومن أقم نص على ذلك سيبويه كذا في النهر لأبي حيان وبه يعلم ما في قول البيضاوي في قوله تعالى: {فإِمَّا تَرَيِنَّ}: ما مزيدة للتأكيد ولذا أكد بالنون. قوله: (وروينا عن إبراهيم بن أدهم) البلخي الولي الجليل من شيوخ الطائفة الجليلة الصوفية ومن رجال الرسالة القشيرية والقصة ذكرها في الرسالة فقال: وقيل دعي إبراهيم إلى وليمة الخ، قال شيخ الإسلام في شرح الرسالة: فيه دلالة على أن من حضر الغيبة ورضي بها كان شريكاً فيها ولما فرط إبراهيم في الحضور مع من لا يحترز منها أدب نفسه بالجوع ثلاثة أيام مقابلة للشيء بضده أي لأنه لما حضر ذلك المجلس لشهوة الطعام هذا مع أنه لم يرض الغيبة بل أنكرها بحسب قدرته وقام ولم يأكل اهـ. قو له: (ومما أنشدوه في هذا المعنى) قال في التمهيد أحسن محمود في قوله:

تحر من الطرق أوساطها ... وعد من الموضع المشتبه

وسمعك صن عن سماع القبيح الخ

قال: وهذا مأخوذ من

<<  <  ج: ص:  >  >>