للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد ذكرنا تحريمها ودلائلها وما جاء في الوعيد عليها، وذكرنا بيان حقيقتها، ولكنه مختصر، ونزيد الآن في شرحه. قال الإِمام أبو حامد الغزالي رحمه الله: النميمة إنما تطلق في الغالب على من يَنِمُّ قولَ الغير إلى المقول فيه، كقوله: فلان يقول فيك كذا، وليست النميمة مخصوصة بذلك، بل حدُّها: كشف ما يكره كشفه، سواء كرهه المنقول عنه، أو المنقول إليه، أو ثالث، وسواء كان الكشف بالقول أو الكتابة أو الرمز أو الإيماء أو نحوها، وسواء كان المنقول من الأقوال أو الأعمال، وسواء كان عيباً أو غيره، فحقيقة النميمة: إفشاء السرِّ، وهتك الستر عما يكره كشفه، وينبغي للإنسان أن يسكتَ عن كل ما رآه من أحوال النّاس إلا ما في حكايته فائدة لمسلم أو دفع معصية، واذا رآه يخفي مال

ــ

نميمة غيبة وليس كل غيبة نميمة فإن الإنسان قد يذكر أخاه بما يكره ولا إفساد فيه بينه وبين أحد فهذا غيبة فقط وقد يذكر عن غيره ما يكره وفيه إفساد فهذا غيبة ونميمة اهـ. قوله: (قد ذكرنا تحريمها) أي وإنها من أقبح القبائح أي من الكبائر قال الحافظ المنذري أجمعت الأئمة على تحريم النميمة وأنها من أعظم الذنوب عند الله وتقدم الجواب عن قوله وما يعذبان في كبير في أول باب في تحريم الغيبة والنميمة، وكونها من الكبائر مبني على تفسير الكبيرة بما فيه وعيد شديد وهو كما في المصنف والرافعي أكثر ما يوجد لهم وكلامهم أميل إليه عند تفاصيل الكبائر وبه يندفع اعتراض الكرماني على المصنف في عده النميمة من الكبائر بأنه لا يصح على قاعدة الفقهاء لأن الكبيرة عنهم هي الموجبة للحد ولا حد على مرتكب النميمة إلا أن يقال الإصرار على الصغيرة حكمه حكم الكبيرة أو أراد بالكبيرة معنى غير المعنى الاصطلاحي اهـ. قوله: (من ينم قول الغير إلى المقول فيه) أي على وجه الإفساد بينهم. قوله: (وليست النميمة مخصوصة بذلك الخ) قال في الزواجر وما ذكره إن أراد بكونه نميمة أنه كبيرة في سائر الأحوال

<<  <  ج: ص:  >  >>