الظالم، كقول الإنسان: لا أصحَّ الله جسمه، ولا سلَّمه الله، وما جرى مجراه، وكل ذلك مذموم. وكذلك لعن جميع الحيوانات والجمادات، فكله مذموم.
فصل: حكى أبو جعفر النحاس عن بعض العلماء أنه قال: إذا لعن الإنسان ما لا يستحقُّ اللعن، فليبادر بقوله: إلا أن يكون لا يستحق.
فصل: ويجوز للآمر بالمعروف، والناهي عن المنكر، وكل مؤدِّب أن يقول لمن يخاطبه في ذلك الأمر: ويلك، أو يا ضعيف الحال، أو يا قليل النظر لنفسه، أو يا ظالم نفسه، وما أشبه ذلك، بحيث لا يتجاوز إلى الكذب، ولا يكون فيه لفظ قذف،
ــ
فيكون لذلك المدعو عليه بها زكاة ورحمة ففي صحيح مسلم مرفوعاً اللهم إنما أنا بشر فأي المسلمين لعنته أو سببته فاجعلها له زكاة وأجراً والحاصل أن المعين المدعو عليه من جانبه -صلى الله عليه وسلم- باللعنة إن كان مسلماً في نفس الأمر فهي له زكاة وأجر وإن كان منافقاً أو ممن علم الشارع موته كذلك فهي في موقعها والله أعلم. قوله:(وكل ذلك مذموم الخ) وما تقدم في باب الدعاء على الظالم يحمل المرفوع منه على بيان الجواز والموقوف على أن اجتهاده اقتضى أرجحية ذلك وتقدم في باب أذكار الصباح والمساء وفي باب الغيبة ما يؤخذ منه أن العفو عمن ظلمه الإنسان وترك الدعاء عليه أولى اكتفاء بنصر الله تعالى ففي الترمذي من دعا على ظالمه فقد انتصر وإن كان لو انتصر بقدر مظلمته لا حرج عليه فلا تناقض بين كلامه هنا وبين ما قدمه في باب جواز الدعاء على الظالم وقد يقال في الجمع أن ما في ذلك الباب محمول على الظالم المتمرد الذي عم ظلمه أو كثر أو تكرر أو فحش أو أمات حقاً أو سنة أو أعان على باطل وما هنا محمول على خلافه. قوله:(لعن جميع الحيوانات الخ) تقدم عن الزواجر أنه حرام وأن الأوجه أنه من الصغائر. ووقوله:(فليبادر الخ) أي لئلا ترجع اللعنة على قائلها إذا كان المدعو عليه بها ليس مستحقاً لها كما جاءت الأخبار به.