للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يَقُولُونَ: الكَرْمُ إنَّمَا الكَرْمُ قَلْبُ المُؤمِنِ" وفي رواية لمسلم: "لا تُسَمُّوا العِنَبَ الكَرْمَ، فإن الكَرْمَ المُسْلِمُ" وفي رواية: "فإنَّ الكَرْمَ قَلْبُ المُؤمِنِ".

وروينا في "صحيح مسلم" عن وائل بن حجر رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تَقُولُوا: الكَرْمَ، وَلَكِنْ قُولُوا: العِنَبَ والحَبَلَةَ".

قلت: والحَبَلَةَ بفتح الحاء والباء، ويقال أيضاً بإسكان الباء، قاله الجوهري وغيره، والمراد من هذا الحديث النهي عن تسمية العنب كرماً، وكانت الجاهلية تسميه كرماً، وبعض النّاس اليوم تسميه كذلك، ونهى النبي

ــ

المسلم. قوله: (يقولون الكرم) في البخاري ويقولون الكرم بزيادة واو العطف في أوله والمعطوف عليه محذوف أي يقولون العنب ويقولون الكرم فالكرم خبر مبتدأ محذوف تقديره هو أو مبتدأ خبره محذوف أي شجر العنب الكرم. قوله: (إنما الكرم قلب المؤمن) قال الشيخ زكريا الكرم بسكون الراء وفتحها مصدر يوصف به المفرد والمذكر وضدهما يقال رجل كرم وامرأة كرم وهو بمعنى كريم وصف به للمبالغة كعدل والحصر فيه ادعائي لا حقيقي إذ المعنى أن اللائق باسم الكرم المؤمن لا أن غيره لا يسمى به قلت ويصح جعل الحصر حقيقياً باعتبار استحقاق إطلاق الاسم كما سيجيء في كلام المصنف. قوله: (النهي عن تسمية العنب كرماً) النهي فيه محمول على الكراهة التنزيهية قال المصنف: قال العلماء سبب كراهة ذلك أن لفظة الكرم كانت العرب -أي في الجاهلية- تطلقها على شجر العنب وعلى العنب وعلى الخمر المتخذة من العنب سموها كرماً لكونها متخذة منه ولأنها -أي فيما يدعونه- تحمل على الكرم والسخاء فكره الشارع إطلاق هذه اللفظة على العنب وشجره لأنهم إذا سمعوا اللفظة ربما تذكروا بها الخمر وهيجت نفوسهم إليها فوقعوا فيها أو قاربوا ذلك وقال إنما يستحق ذلك الرجل المسلم أو قلب المؤمن لأن الكرم مشتق من الكرم بفتح الراء وقال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} فسمي قلب

<<  <  ج: ص:  >  >>