للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-صلى الله عليه وسلم- عن هذه التسمية، قال الإِمام الخطابي وغيره من العلماء: أشفق النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يدعوَهم حسنُ اسمها إلى شرب الخمر المتخذة من ثمرها،

ــ

المؤمن كرماً لما فيه من الإيمان والهدى والنور والتقوى والصفات المستحقة لهذا الاسم وكذا الرجل المسلم اهـ. وقال ابن الجوزي نهى عن تسميتها بما يمدح به لتأكيد ذمها وتحريمها، واعلم أن قلب المؤمن لما فيه من نور الإيمان أولى بذلك اهـ. وفي شرح الأنوار السنية قال ابن حجر ظاهر الحديث يدل على أن حقيقة تسمية الكرم إنما

هي بقلب المؤمن وأما في غيره فمجاز فإن قلنا إنه تعبد فلا بحث وإن قلنا لحكمة فهي والله أعلم لما كان اشتقاقه كمن الكرم والأرض الكريمة هي أحسن الأرض وهذه الصفة حيث وجدت فهي أحسن الصفات ولا يليق إلا أن يعبر بها عن قلب المؤمن الذي هو خير الأشياء لأن المؤمن هو خير البرية على أحد الوجوه وخير ما في المؤمن قلبه وكيف لا يكون كذلك وهو أرض لنبات ثمرة الإيمان وفي الكرمة أيضاً شبه من المؤمن لأنها لينة قريبة الجنى حلوة الذات وتغني عن الطعام لآكلها وعن الماء لمن استعملها اهـ. وقال القاضي عياض في المشارق نهى -صلى الله عليه وسلم- أن يقال للعنب الكرم وكان اسم الكرم أليق بالمؤمن واغلق به لكثرة خيره ونفعه واجتماع الخصال المحمودة من السخاء وغيره فيه فقال إنما الكرم الرجل المؤمن وفي رواية قلب المؤمن قال الإِمام قوله وإنما الكرم قلب المؤمن أي أن الكرم حبس النفس عن شهواتها وإمساكها عن المحرمات عليها فهذه الحالة أحق أن تسمى كرماً اهـ. قال الباجي ويحتمل عندي أن يكون معناه أن العنب وإن كان فيه منافع ورزق وخصب لمن رزقه فإن القلب أكثر خيراً منه وأنفع لنفسه وللناس ولم يرد بذلك النهي عن أن يسمى العنب كرماً ولذا لم يتلقه النّاس على النهي ولا امتنعوا من تسمية العنب كرماً ولكنه إنما أراد تفضيل قلب المؤمن عليها كما قال ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب وفي هذا الذي يظهر لي اهـ. وتردد ابن القيم في الهدي بين ما قاله الباجي وبين ما قاله غيره من أن الحديث للنهي عن التسمية بذلك ثم قال والأولى أن لا يسمى شجر العنب كرماً والله أعلم. قوله: (أشفق -صلى الله عليه وسلم- أن يدعوهم حسن أسمها الخ) ظاهره

<<  <  ج: ص:  >  >>