الأحاديث بالترخيص في الكلام للأمور التي قدَّمتها فكثيرة.
فمن ذلك حديث ابن عمر في "الصحيحين" أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلى العشاء في آخر حياته، فلما سلم قال:"أرَأيْتَكُمْ لَيلَتَكُمْ هذِهِ، فَإنَّ عَلى رَأسِ مائَةِ سَنَةٍ لا يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ عَلى ظَهْرِ الأرْضِ اليَوْمَ أحدٌ".
ومنها حديث أبي موسى الأشعري في "صحيحيهما": "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أعتم بالصلاة حتى ابهارّ الليل، ثم خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فصلى بهم، فلما قضى صلاته قال لمن حضره: عَلى رِسْلِكُمْ أعْلِمُكُمْ، وأبشِرُوا أنَّ مِنْ نعمَةِ الله علَيكُمْ أنَّهُ ليسَ مِنَ النّاسِ أحدُّ يصلِّي
ــ
الدنيوية وقد يقع فيه من اللغط والفحش ما لا يليق ختم اليقظة به وكان عمر رضي الله عنه يضرب النّاس على الحديث بعد العشاء أسمراً أول الليل ونوماً آخره أريحوا كتابكم وهذا محمول على الحديث المباح الذي لا مصلحة فيه.
قوله:(فمن ذلك حديث ابن عمر الخ) قال السخاوي بعد تخريجه بهذا اللفظ حديث صحيح أخرجه أحمد والشيخان وأبو عوانة والترمذي والنسائي. قوله:(صلى العشاء في آخر حياته) في رواية جابر أنه كان قبل موته بشهر. قوله:(أرأيتكم) بفتح التاء ضمير المخاطب والكاف كذلك ولا محل لها من الإعراب والهمزة للاستفهام والرؤية بمعنى العلم أو البصر والجواب محذوف أي قالوا: نعم قال: احفظوها واحفظوا تاريخها. قوله:(على رأس) أي عند رأس. قوله:(لا يبقى ممن هو على وجه الأرض اليوم أحد) أي بعد المائة.
قوله:(ومنها حديث أبي موسى الأشعري الخ) وكذا رواه أبو عوانة وأبو نعيم في المستخرج قاله السخاوي. قوله:(أعتم بالعشاء) أي أخرها حتى اشتدت عتمة الليل أي ظلمته. قوله:(إبهار الليل) بإسكان الموحدة وتشديد الراء أي انتصف. قوله:(على رسلكم) بكسر الراء وفتحها لغتان
الكسر أفصح أي تأنوا. قوله:(أن من نعمة الله الخ) بفتح الهمزة معمول لقوله أعلمكم وكذا قوله إنه بفتح الهمزة هي ومعمولاها في تأويل مصدر اسم أن الأولى وفي الحديث جواز الكلام بعد