وقد ثبتت الأحاديث الصحيحة بأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سمع الشعر، وأمر حسان بن ثابت بهجاء الكفار.
ــ
بحيث يكون الشعر مستولياً عليه بحيث يشغله عن القرآن وغيره من العلوم الشرعية وذكر الله تعالى قال المصنف في شرح مسلم فهذا مذموم في أي شيء كان فأما إذا كان القرآن والحديث وغيرهما من العلوم الشرعية هو الغالب عليه فلا يضره حفظ اليسير من الشعر أي الخالي عن الفحش والقبح مع هذا لأن جوفه ليس ممتلئاً شعراً.
قوله:(وقد ثبتت الأحاديث بأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سمع الشعر) أخرج أحمد من رواية جابر بن سمرة قال شهدت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أكثر من مائة مرة في المسجد وأصحابه يتذاكرون الشعر وأشياء من أمر الجاهلية فربما تبسم -صلى الله عليه وسلم- وأخرجه الترمذي وصححه وأخرجه الطبراني في معجمه الكبير والأحاديث في ذلك كثيرة منتشرة قال ابن عبد البر وما استنشده رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنشد بين يديه أكثر من أن يحفظ. قوله:(وأمر حسان بن ثابت بهجاء الكفار) في رواية هاجهم وفي رواية صحيحة أهجهم وجبريل معك رواه البخاري في الصحيح عن سليمان بن حرب ورواه مسلم من أوجه عن شعبة وتقدم في باب أذكار المساجد حديث أبي هريرة عند البخاري لما استشهده حسان هل سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول يا حسان أجب عن رسول -صلى الله عليه وسلم- اللهم أيده بروح القدس فقال أبو هريرة نعم وكان يوضع لحسان بن ثابت منبر في المسجد يهجو الكفار عليه وقال له -صلى الله عليه وسلم- لما استأذنه في هجو المشركين كيف تعمل بحسبي ونسبي فقال لأسلنك منهم كما تسل الشعرة من العجين وأنشد حسان في ذلك قصيدته المشهورة التي فيها:
هجوت محمداً فأجبت عنه ... وعند الله في ذاك الجزاء
فإن أبي ووالدتي وعرضي ... لعرض محمد منكم وقاء
أتهجوه ولست له بكفء ... فشركما لخيركما الفداء
وذلك ثابت في الصحيح ثم اعلم أن هجو الكافر إن كان بصيغة عامة فلا خلاف في جوازه كما يجوز لعن الكافرين على العموم وإن كان في معين فإن كان حربياً أو مشركاً جاز وإن كان ذمياً فالمتجه المنقول الحرمة قياساً على غيبته. وحسان بن ثابت هو أحد شعراء النبي