فصل: أما الشِّعْر فقد روينا في مسند "أبي يعلى الموصلي" بإسناد حسن عن عائشة رضي الله عنهما قالت: سُئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الشِّعْر فقال: "هُوَ كلامٌ حَسَنُهُ كحسن الكلام، وقَبِيحُهُ كقَبِيحِ الكلامِ".
قال العلماء: معناه: أن الشعر كالنثر، لكن التجرُّد له والاقتصار عليه
ــ
كالامتناع من المطاوعة والتمكين. قوله:(أما الشعر الخ) الشعر كلام موزون قصداً بوزن عربي وحرج بقيد المقصد أي قصد كونه شعراً ما جاء موزوناً من الآيات والأحاديث نحو قوله تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} ونحو قوله -صلى الله عليه وسلم-: أنا النبي لا كذب أنا عبد المطلب وبقولنا بوزن عربي أي وهو ما كان على وزان أحد البحور الخمسة عشر أو الستة
عشر ما كان على غيرها من باقي الأبحر المولدة فلا يقال فيه شعر بل نظم فالنظم أعم عن الشعر.
قوله:(فقد روينا الخ) قال في الإمتاع أخرجه البيهقي في السنن الكبير مرفوعاً من عدة طرق وقال الصحيح إنه مرسل اهـ. ورواه في الجامع الصغير بلفظ الشعر بمنزلة الكلام فحسنه كحسن الكلام وقبيحه كقبيح الكلام وقال رواه البخاري في الأدب المفرد والطبراني في الأوسط عن ابن عمر وعبد الرزاق في الجامع عن عائشة مرفوعاً وروي عن الشافعي عن عروة مرسلاً أي والمرسل حجة عند الشافعي إذا اعتضد وهو هنا كذلك للمسند قبله قال ابن عبد البر وجاء موقوفاً عن ابن سيرين والشعبي وروي عن الشافعي. قوله:(حسنه) أي كالمشتمل على التوحيد والزهديات في الدنيا والترغيب في الآخرة ومدح النبي -صلى الله عليه وسلم- ومدح الإسلام وذم الكفر وهجاء الكفرة وعلى جمع فوائد علمية أو نحو ذلك مما يعود نفعه فهذا حسن لحسن عائدته وجميل فائدته. قوله:(وقبيحه) كهجاء المسلمين والتشبيب بامرأة أو أمرد معين أو مدح الخمرة أو مدح ظالم أو نحوه أو المغالاة في المدح أو نحو ذلك قال الفقهاء المميز للشعر الجائز من غيره أن ما جاز في النثر جاز في الشعر. قوله:(أن الشعر كالنثر) أي والمدح والذم إنما يدوران مع المعنى ولا عبرة باللفظ موزوناً كان أو لا. قوله:(لكن التجرد له والاقتصار عليه) أي