وإن كان عكسه، أو شك، حرم عليه الكذب، ومتى جاز الكذب، فإن كان المبيح غرضاً يتعلق بنفسه، فيستحب أن لا يكذب، ومتى كان متعلقاً بغيره، لم تجز المسامحة بحق غيره، والحزم في كل موضع أبيح، إلا إذا كان واجباً.
واعلم أن مذهب أهل السُّنَّة أن الكذب هو الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو، سواء تعمدتَ ذلك أم جهلتَه، لكن لا يأثم في الجهل، وإنما يأثم في العمد.
ودليل أصحابنا تقييد النبي -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ كَذَبَ عَليَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَؤَّأ مَقْعَدَهُ مِنَ النارِ".
ــ
أخرى. قوله:(وإن كان عكسه أو شك حرم عليه الكذب) بقي ما إذا تساوت مفسدتا الكذب والصدق ومصلحتاهما. قوله:(فيستحب له أن لا يكذب) أي وإن كان فاته بالصدق بعض المصالح. قوله:(لم تجز المسامحة) أي فيحرم الصدق حينئذٍ أي إن كان يترتب عليه إضرار بالغير. قوله:(والحزم) أي الجد الذي ينبغي التمسك به. قوله:(في كل موضع أبيح) بأن ترتب على الكذب مصلحة تعود عليه من غير ضرر بأحد كالكذب لإرضاء الزوجة كما تقدم فالحزم أن يترك الكذب حينئذٍ ويتكلم بالصدق والله المعين.
قوله:(واعلم أن مذهب أهل السنة) قال في شرح مسلم إنه مذهب المتكلمين من أصحابنا قال وهو مذهب أهل السنة وقالت المعتزلة شرطه العمل به فعلى مذهب أهل السنة من أخبر بشيء على خلاف ما هو عليه وهو يظنه كذلك فهو كاذب وليس بآثم فيتقيد كون الكذب صغيرة أو كبيرة بالعلم. قوله:(لا يأثم في الجهل) بالإجماع والنصوص المتظاهرة من الكتاب والسنة ومثله الغلط والنسيان. قوله:(ودليل أصحابنا الخ) قال في شرح مسلم فإنه قيده بالعمل لكونه في يكون الغلط عمداً وقد يكون سهواً مع أن الإجماع والنصوص المتظاهرة من الكتاب والسنة على أنه لا إثم على الناسي وألفاظ اهـ. قوله:(من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار) هذا الحديث رواه أحمد والشيخان والترمذي وصححه والنسائي وابن ماجه كلهم من حديث أنس ورواه أحمد والبخاري وأبو داود والنسائي