للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خداع المخاطب أو حاجة لا مندوحة عنها إلا بالكذب، فلا بأس بالتعريض، وإن لم يكن شيء من ذلك فهو مكروه وليس بحرام، إلا أن يتوصل به إلى أخذ باطلٍ أو دفع حقٍ، فيصير حينئذ حراماً، هذا ضابط الباب.

فأما الآثار الواردة فيه، فقد جاء من الآثار ما يبيحه وما لا يبيحه، وهي محمولة على هذا التفصيل الذي ذكرناه، فمما جاء في المنع.

ما رويناه في "سنن أبي داود" بإسناد فيه ضعف لكن لم يضعفه أبو داود، فيقتضي أن يكون حسناً عنده كما سبق بيانه عن سفيان بن أسيد -بفتح الهمزة- رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "كَبُرَتْ خِيانَةً أنْ تُحَدِّثَ أخاكَ حَدِيثاً هُوَ لَكَ بِهِ مُصَدِّقٌ وأنْتَ بِهِ كاذِبٌ".

وروينا عن ابن سيرين رحمه الله أنه قال:

ــ

والتعريض في أبواب الغيبة. قوله: (فلا بأس بالتعريض) وكذا التورية لأنه ليس في كل منهما كذب فلا ضرورة به وقد تمكن منهما -إلى الكذب الصراح. قوله: (فهو مكروه) لما فيه من التغرير والخداع. قوله: (إلا أن يتوصل به الخ) أي لأن للوسائل حكم المقاصد. قوله: (فمما جاء في المنع ما رويناه في سنن أبي داود) وكذا رواه البخاري في الأدب المفرد من حديث سفيان بن أسد وأخرجه أحمد والطبراني في الكبير من حديث النواس بن سمعان كذا في الجامع الصغير. قوله: (كبرت) بضم الموحدة و (خيانة) تمييز محول عن الفاعل و (أن تحدث الخ) هو المخصوص بالذم. وقوله: (هو لك به مصدق الخ) في محل الحال من المفعول. قوله: (عن سفيان بن أسد) قال في أسد الغابة ويقال ابن أسيد أي بضم

الهمزة وفتح المهملة بعدها تحتية بصيغة المصغر للفظ الأسد وعلى الأول. بلفظ أسد الحيوان المعروفة وهو الحضرمي الشامي روى عنه جبير بن نفير ثم أخرج من طريقه هذا الحديث وقال أخرجه الثلاثة يعني أبا نعيم وابن منده وابن عبد البر اهـ.

قوله: (وروينا عن ابن سيرين) هو محمد بن سيرين قيل أصله شيرين بالمعجمة اسم أعجمي ومحمد بن سيرين

<<  <  ج: ص:  >  >>