للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكلام أوسعُ من أن يكذِبَ ظريفٌ. مثال التعريض المباح ما قاله النخعي رحمه الله: إذا بَلَغَ الرجلَ عنك شيءٌ قلتَه فقل: الله يعلم ما قلتُ من ذلك من شيء، فيتوهم السامع النفي، ومقصودك: الله يعلم الذي قلته. وقال النخعي أيضاً: لا تقل لابنك: أشتري لك سُكَّراً، بل قل: أرأيتَ لو اشتريتُ لك سُكَّراً. وكان النخعي إذا طلبه رجل قال للجارية: قولي له: اطلبه في المسجد. وقال غيره: خرج أبي في وقت قبل هذا. وكان الشعبي يخط دائرة ويقول للجارية: ضعي أصبعك فيها وقولي: ليس هو ها هنا. ومثل هذا قول النّاس في العادة لمن دعاه لطعام: أنا على نية، موهماً أنه صائم، ومقصوده: على نية ترك الأكل، ومثله: أبصرتَ فلاناً؟ فيقول ما رأيته، أي: ما ضربت رِئَتَه، ونظائر هذا كثيرة. ولو حلف على شيء من هذا، وورَّى في يمينه، لم

ــ

تابعي جليل. قوله: (الكلام) أي طرق الكلام لكثرة أنواعها (أوسع من أن يكذب ظريف) إذ له مندوحة عنه بالتورية والكناية والمعاريض. قوله: (من ذلك) بيان لما الموصول. قوله: (من شيء) بدل من ذلك بإعادة الخافض. قوله: (ومقصودك الله يعلم الذي قلته من كذا) أي وأنت تتيقن أن الأمر كما قلت فتصدق أما مع الشك في ذلك فتقدم في أوائل الباب ما فيه. قوله: (أشتري لك سكراً) أي لأنه محتمل للوعد وقد لا يتيسر وفاؤه. قوله: (وكان الشعبي) بفتح المعجمة وسكون المهملة عامر بن شراحيل نسبة إلى شعب بطن من همدان وقيل من حمير وروى الشعبي عن مائة وخمسين صحابياً ولد سنة عشرين وقيل سنة إحدى وثلاثين وتوفي سنة تسع ومائة وقيل سنة خمسين وقيل سنة أربع ومائة كذا في لب اللباب. قوله: (فيقول ما رأيته أي ما ضربت رئته) ومن هذا القبيل قول الشاعر:

<<  <  ج: ص:  >  >>