للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحنث، سواء حلف بالله تعالى، أو حلف بالطلاق، أو بغيره، فلا يقع عليه الطلاق، ولا غيره، وهذا إذا لم يحلِّفه القاضي في دعوى، فإن حلَّفه القاضي في دعوى، فالاعتبار بنية القاضي إذا حلَّفه بالله تعالى، فإن حلَّفه بالطلاق، فالاعتبار بنية الحالف، لأنه لا يجوز للقاضي تحليفه بالطلاق، فهو كغيره من النّاس، والله أعلم.

قال الغزالي: ومن الكذب المحرَّم الذي يوجب الفسْقَ، ما جرت به العادة في المبالغة، كقوله: قلتُ لك مائة مرة، وطلبتُكَ مائة مرة ونحوه، فإنه لا يراد به تفهيم المرات، بل تفهيم المبالغة، فإن لم يكن طلبه إلا مرَّة واحدة كان كاذباً، وإن طلبه مرَّات لا يُعتَاد مثلُها في الكثرة، لم يأثم، وإن لم يبلغ مائة مرَّة، وبينهما درجات، يتعرض المبالغ للكذب فيها.

قلت: ودليل جواز المبالغة وأنه لا يعد كاذباً، ما رويناه في "الصحيحين" أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أمّا أبُو جَهْمٍ فلا يَضَعُ العَصَا عَن عَاتِقِهِ، وأمَّا مُعاوِيَةُ فَلا مالَ

ــ

إني رأيت عجيباً في محلتكم ... شيخاً وجارية في بطن عصفور

أي قطع رئة. قوله: (وهذا إذا لم يحلفه القاضي) أي محل كونه إذا ورى لا يحنث ما لم يحلفه الحاكم الشرعي في دعوى صحيحة يميناً قد توجهت عليه باسم الله تعالى أو بشيءٍ من صفاته. قوله: (لأنه لا يجوز للقاضي تحليفه بالطلاق) يؤخذ من العلة أنه لو جاز له ذلك بأن كان مذهبه يقتضي جواز التحليف فالعبرة بنية القاضي قال ابن حجر وهو الظاهر وكما لا يعتبر نية الحاكم في مسألة المتن لتعديه لا تعتبر فيما إذا حلفه بالله تعالى في غير دعوى صحيحة أو فيها ولم يتوجه عليه فإذا

ورى فيهما اعتبرت نية الحالف. قوله: (وإن طلبه مرات لا يعتاد مثلها في الكثرة لم يأثم) أي لا يكون كاذباً لما ذكر من أنه لا يراد من هذا اللفظ تفهيم المرات بل تفهيم المبالغة. قوله: (ودليل الجواز الخ) تقدم الكلام على إسناد الحديث وما يتعلق بمعناه في باب ما يباح فيه الغيبة قال الشيخ ابن حجر في تنبيه الأخيار: فهم الجلال السيوطي أن قول

<<  <  ج: ص:  >  >>