فصل: ومن ذلك ما حكي عن جماعة من العلماء أنهم كرهوا أن يسمى الطواف بالبيت شوطاً أو دوراً، قالوا: بل يقال للمرَّة الواحدة: طوفة، وللمرتين: طوفتان، وللثلاث: طَوْفَات، وللسبع: طَوَافٌ.
قلت: وهذا الذي قالوه لا نعلم له أصلاً، ولعلهم كرهوه لكونه من ألفاظ الجاهلية، والصواب المختار أنه لا كراهة فيه.
فقد روينا في "صحيحي البخاري ومسلم" عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "أمرهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يَرْمِلوا ثلاثة أشواط ولم يمنعه أن يأمرَهم أن يُرْمِلوا الأشواط كلَّها إلا الإبقاءُ عليهم".
فصل: ومن ذلك: صمنا رمضان، وجاء رمضان، وما أشبه ذلك إذا
ــ
لالتقاء الساكنين لكن على هذا الإيهام لا يلتفت إليه ولا يعول عليه وأنه بعينه متأت فيما قاله من قوله وقيل توكلت على ربي الكريم إلا أن يقال لفظ الرب مختص بالله تعالى ولا كذلك لفظ الكريم فالإيهام في ذلك أتم والله أعلم. قوله:(ما حكي عن جماعة من العلماء) قال المصنف في إيضاح المناسك كره الشافعي أن يسمى الطواف شوطاً ودوراً وروي كراهته عن مجاهد قال ابن حجر في حاشية الإيضاح تبع الشافعي على ذلك الأصحاب وروى كراهته عن مجاهد أي حيث قال وأكره ما كره مجاهد لأن الله سماه طوافاً فقال {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ}. قوله:(والصواب المختار أنه لا كراهة فيه) يوافقه قوله في المجموع وهذا استعمله ابن عباس تقدم في قول مجاهد ثم إن الكراهة إنما تثبت بنهي الشرع ولم يثبت في تسميته شوطاً نهي فالمختار أنه لا يكره واعترض بأن قول ابن عباس أمرهم -صلى الله عليه وسلم- أن يرملوا ثلاثة أشواط من قوله فلا حجة فيه بل قوله -صلى الله عليه وسلم- لو تعلمون ما في العتمة الحديث لا يدل على عدم كراهة تسمية العشاء بذلك لأنه لبيان الجواز ويرد بان الأصل عدم الكراهة إلا لدليل ولم يرد، والمصنف إنما ذكر ذلك استئناساً وكون الشوط الهلاك لا يقتضي