أريد به الشهر، واختلف في كراهته، فقال جماعة من المتقدمين: يكره أن يقال: رمضان من غير إضافة إلى الشهر، روي ذلك عن الحسن البصري ومجاهد. قال البيهقي: الطريق إليهما ضعيف، ومذهب
أصحابنا أنه يكره أن يقال: جاء رمضان، ودخل رمضان، وحضر رمضان، وما أشبه ذلك مما لا قرينة تدل على أن المراد الشهر، ولا يكره إذا ذكر معه قرينه تدل على الشهر، كقوله: صمت رمضان، وقمت رمضان، ويجب صوم رمضان، وحضر رمضان الشهر المبارك، وشبه ذلك، هكذا قاله أصحابنا، ونقله الإمامان: أقضى القضاة أبو الحسن الماوردي في كتابه "الحاوي" وأبو نصر بن الصباغ في كتابه "الشامل" عن أصحابنا، وكذا
ــ
بمجرده كراهة والظاهر أن الشافعي لم يقصد بالكراهة إلا أنه يبغي التنزه عن التلفظ بذلك لإشعاره بما لا ينبغي ونظيره كراهتهم تسمية المذبوح عن المولود عقيقة ويؤيد ذلك أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يحب الفال الحسن ويكره ضده. قوله:(فقال جماعة من المتقدمين) قال المصنف في شرح مسلم وهذا قول أصحاب مالك زعم هؤلاء أن رمضان من أسماء الله تعالى فلا يطلق على غيره إلا بقيد اهـ. ونازع الحطاب المالكي في شرح المختصر في ثبوت ذلك عندهم قال والعجب من الأبي في شرح مسلم والفاكهاني في شرح العمدة كيف أقرأ النووي على ذلك مع كثرة تعقبهما له في أقل من هذا. قوله:(ومجاهد) قال القرطبي قال مجاهد رمضان اسم من أسماء الله تعالى وكان يكره أن يجمع ويقول بلغني أنه اسم من أسماء الله عزّ وجلّ وعن مجاهد أيضاً قال: لا آمن أن يكون من أسماء الله تعالى ثم قال القرطبي بعد كلام طويل وهذا أي حديث البخاري ينفي أن يكون رمضان من أسماء الله تعالى وهو الصحيح إذ
قد استقرت القلوب أنه اسم واقع على الشهر فارتفع بذلك الإشكال وأما إن رمضان اسم له تعالى فلم يستقر إذ ليس من الأسماء الواردة ولا في أثر مقطوع بصحته اهـ. قوله:(ومذهب أصحابنا) أي أكثر أصحابنا كما عبر به في شرح مسلم.