للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالعَمَلَ الذي يُبَلِّغُنِي حُبَّكَ، اللهُم اجْعَلْ حُبَّكَ أحَبَّ إليَّ مِنْ نَفْسِي وَأهْلي وَمِنَ المَاءِ البارِدِ" قال الترمذي: حديث حسن.

وروينا فيه عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "دَعْوةُ ذِي النُّونِ إذْ دَعا رَبّهُ وَهُوَ في بَطْنِ الحُوتِ: لا إله إلاَّ أنْتَ سُبْحانَكَ إني كُنْتُ مِنَ الظالِمينَ، فإنَّهُ لَمْ يَدْع بِها رَجلٌ مُسْلِمٌ في شَيءٍ قَط إلاَّ اسْتَجَابَ لَهُ" قال الحاكم أبو عبد الله: هذا صحيح الإسناد.

وروينا فيه وفي كتاب ابن ماجه عن أنس رضي الله عنه، أن رجلاً جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله أي الدعاء أفضل؟ قال: "سَلْ رَبَّكَ العافِيَةَ

ــ

قوله: (والعمل) بالجر عطف علي من يحبك وبالنصب على المضاف أي أسألك العمل (الذي يبلغني) أي بتشديد اللام ويجوز تخفيفها أي يوصلني إلى حبك إياي أو حبي إياك. قوله: (اللهم اجعل حبك) أي حبي إياك (أحب إليّ من نفسي وأهلي) أي من حبهما قال القاضي عدل عن اجعل نفسك أحب إلي من نفسي مراعاة للأدب حيث لم يرد أن يقابل نفسه بنفسه عزّ وجلّ والنفس تطلق عليه على سبيل المشاكلة كما في قوله تعالى: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} اهـ. وجاء من غير مشاكلة في قوله -صلى الله عليه وسلم-: "أنت كما أثنيت على نفسك" وتقدم في أوائل الكتاب أن من منع إطلاق النفس قال لأنها من النفس بفتح أوليه ومن أجازه قال من النفيس. قوله: (ومن الماء البارد) أي ومن حبه وفيه إشعار أنه كان يحبه حباً بليغاً قال بعض العارفين إذا شربت عذباً بارداً أحمد ربي من صميم قلبي وقال بعضهم أعاد من ليدل على استقلال الماء البارد في كونه محبوباً وذلك في بعض الأحيان فإنه يعدل بالروح للإنسان.

قوله: (وروينا فيه عن سعد) تقدم الكلام عليه في باب دعاء الكرب. قوله: (أن رجلاً) يحتمل أن يكون العباس المذكور في الخبر بعده ويحتمل أن يكون غيره. قوله: (العافية) أي السلامة من كل مؤلم ومكدر ظاهر أو باطن ديني أو دنيوي

<<  <  ج: ص:  >  >>