للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَخُفْيَةً} [الأعراف: ٥٥] والايات في ذلك كثيرة مشهورة.

وأما الأحاديث الصحيحة، فهي أشهر من أن تُشْهَر، وأظهر من أن تُذْكَر، وقد ذكرنا قريباً في الدعوات ما فيه أبلغ كفاية، وبالله التوفيق.

وروينا في "رسالة الإِمام أبي القاسم القشيري" رضي الله عنه قال: اختلف النّاس في أن الأفضل الدعاء، أم السكوت والرضى؟ فمنهم من قال: الدعاء عبادة، للحديث السابق: "الدُّعاءُ هُو العِبَادَةُ" ولأن الدعاء إظهار الافتقار إلى الله تعالى. وقالت طائفة: السكوت

ــ

إن الإيمان بالقضاء لا يقتضي ترك الأسباب فالله تعالى قدر الأمر وقدر سببه. قوله: (والآيات في الباب كثيرة) كقوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} وكقوله تعالى: ({ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} أي عن دعائي كما قال بعض المفسرين وجاء ما يوميء إليه في الحديث المرفوع عن سيد المرسلين -صلى الله عليه وسلم-. قوله: (للحديث السابق الدعاء هو العبادة) وآخر الحديث ثم تلا أي النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال ربكم: {ادْعُونِي} الآية رواه أحمد والبخاري في تاريخه وأصحاب السنن الأربعة وابن حبان والحاكم في مستدركه وابن أبي شيبة في مصنفه وقال الترمذي حسن صحيح وقال الحاكم صحيح الإسناد وأخرجه الطبراني في كتاب الدعاء كل هؤلاء أخرجوا الحديث من حديث النعمان بن بشير وأخرجه أبو يعلى في مسنده عن البراء. قوله: (ولأن الدعاء إظهار الافتقار إلى الله تعالى) قال القشيري: هو حق الله فإن استجاب للعبد فهو زيادة وإن لم يستجب له ولم يصل إلى حظ نفسه فقد قام بحق ربه فإن الدعاء

إظهار فاقة العبودية وقد قال أبو حازم الأعرج لأن أحرم الدعاء أشد علي من أن أحرم الإجابة أي لأن الدعاء حق الله تعالى والإجابة حق العبد. قوله: (وقال طائفة السكوت الخ) هذا مقام إبراهيمي ففي الحديث أنه لما وضع إبراهيم في المنجنيق ليرمى به جاءه جبريل فقال: ألك حاجة؟ فقال: أما إليك فلا

<<  <  ج: ص:  >  >>