تحت جَرَيان الحُكْم أتم، والرضى بما سبق به القدر أولى، وقال قوم: يكون صاحبَ دعاءٍ بلسانه ورضىً بقلبه ليأتي بالأمرين جميعاً.
قال القشيري: والأولى أن يقال: الأوقات مختلفة، ففي بعض الأحوال الدعاء أفضل من السكوت، وهو الأدب، وفي بعض الأحوال السكوت أفضل من الدعاء، وهو الأدب، وإنما يُعرف ذلك بالوقت، فإذا وجد في قلبه إشارة إلى الدعاء، فالدعاء أولى به، وإذا وجد إشارة إلى السكوت، فالسكوت أتم.
ــ
وأما إليه فبلى، فقال: سله. فقال: حسبي من سؤالي علمه بحالي. وقوله:(والخمود) بالمعجمة أصله زوال لهب النار مع بقاء جرمها وكني به عن عدم الاضطراب بالقلب والسكون تحت مرادات الرب. وقوله:(جريان القضاء) أي السكون تحت المقضي (أولى) قال القشيري: ولذا قال الواسطي اختيار ما جرى لك في الأزل خير لك من معارضة الوقت وقد قال -صلى الله عليه وسلم- من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين اهـ. قوله:(وقال قوم يكون صاحب دعاء بلسانه) أي امتثالاً للأمر الوارد بطلبه وقياماً بمقام العبودية (ورضا بقلبه) بالأقضية الإلهية فلا يقصد بالدعاء معارضة الأقدار ولكن يقصد أن يشغل لسانه به لكونه من جملة الأذكار مع شغل قلبه بربه ورضاه بمقتضاه.
قوله:(قال القشيري والأولى أن يقال الخ) قال شيخ الإسلام زكريا في شرح الرسالة فرب شخص في خلوة يغلب عليه الدعاء وكمال التضرع والبكاء فملازمته لحالته أقرب لنيل مقصوده وربما يغلب عليه توالي نعم ربه وعجزه عن شكرها ويستحي بعجزه عن شكر ما توالى عليه من النعم أن يطلب زيادة على ما هو فيه فالسكوت ولزوم الحياء أولى اهـ، وقال عمي وأستاذي الشيخ أحمد بن علان الصديقي إذا ألقى الله تعالى في قلب المريد لاعجاً للدعاء ووجد الحلاوة عنده فيعلم بتلك العلامة أن المراد منه حينئذٍ الدعاء فيشتغل به وهو الأدب لكونه مطلوباً حينئذٍ وإذا فقد ذلك ووجد في قلبه السكون اعتباراً على الرضى بما يحدثه عليه الحق فحاله علامة أن المراد منه غيره فيشتغل بغيره من