وكان يحيى بن معاذ الرازي رضي الله عنه يقول: كيف أدعوك وأنا عاصٍ؟ وكيف لا أدعوك وأنت كريم؟ .
ومن آدابه حضور القلب، وسيأتي دليله إن شاء الله
ــ
أبي داود نحوه، ومنه أن يخص نفسه بالدعاء إذا كان إماماً على ما من فيه في باب أذكار الصلاة قيل والداعي للجماعة مثل الإِمام في كراهة تخصيص نفسه بذلك، ومنه أن يحجر فيه ففي البخاري أن أعرابياً قال في صلاته: اللهم ارحمني ومحمداً ولا ترحم معنا أحداً فلما سلم -صلى الله عليه وسلم- قال للأعرابي:"لقد تحجرت واسعاً يريد رحمة الله" كذا اقتصر الزركشي على كراهة التحجر المذكور ونظر فيه في شرح العباب واستوجه تحريم تعمد ذلك للعالم به قال ولا ينافيه قضية الأعرابي كما لا يخفى أي لأنه ليس عالماً، ومنه أن يدعو على نفسه أو ماله أو ولده أو خادمه للنهي عنه لئلا يوافق ساعة الإجابة قاله الزركشي قال في الإيعاب وإطلاقه كراهة الدعاء على الولد والخادم فيه نظر والذي يتجه حرمة المؤذى لهما حيث لا موجب له اهـ. قوله:(وكان يحيى بن معاذ الرازي) معاذ بضم الميم ثم عين مهملة وبعد الألف ذال معجمة والرازي نسبة إلى الري فهو من مغيرات النسب. قوله:(كيف أدعوك وأنا عاص الخ) أي إن نظر للعصيان اقتضى سكوت اللسان كما ورد عن بعض العارفين إلهي أخرست المعاصي لساني فلم تدع لي للاعتذار وجهاً الخ والحياء بالجنان، وإن نظر إلى وصف الكريم من الكرم وإن كبائر الذنوب مع الغفران كاللمم وأنه أمر عباده بالسؤال وشأن العبد التذلل والافتقار والامتثال فكيف لا يدعو المسكين ربه أرحم الراحمين، والحاصل أن النظر إلى مقام الخوف والجلال مقتضى السكوت لما جناه الإنسان من رديء الأعمال ومقام الرجاء والامتنان يدخل العبد إلى مقام الإحسان فيقع في الأمرين المتعارضين قال الشيخ زكريا في شرح الرسالة وبالجملة فشرط استجابة العبد طاعة العبد لربه أي وما يقع من الإجابة للكافرين استدراج ولبعض العصاة إما أن يكون من باب المعونة أو يكون من باب الاستدراج على حسب ما سبق لذلك في علم الله والله أعلم. قوله:(ومراداً به حضور القلب) أي يقصد بدعائه الخضوع والتذلل لعظمة ربه كما هو وصف العبد اللازم له ولا يكون الدعاء بلسانه والغفلة بجنانه فيكون مانعاً له عن مراده روي أن موسى عليه السلام مر على إنسان يسأل ويلح