"بِسْم الله تَوَكَّلْتُ على الله، اللهُمَّ إني أعُوذُ بِكَ أَنْ أَضلَّ أَوْ أُضلَّ،
ــ
سنن الاستقامة محفوظاً من الأغيار ظاهراً وباطناً ولا يحصل له ذلك إلاَّ بالتوجه إليه تعالى في حصوله من الذلة والانكسار فعلمه - صلى الله عليه وسلم - كيفية سؤال ذلك فيسأل تثبيت الإقدام على الصراط المستقيم بأن لا يحصل له ولأمته ذلك في الدين بتركه بالكلية ولا ضلال بأن يقصر في القيام به على وجهه هذا ما يتعلق بالحق ولا ظلم لأحد من الخلق ولا جهل بحقوق الله تعالى أو أحد من خلقه فالعطف في الأربعة المذكورة للتأسيس دون التأكيد، وأفاد الطيبي وجهاً آخر للتأسيس فقال إذا خرج الإنسان من منزله لا بد أن يعاشر الناس فيخاف إن يعدل عن الطريق القويم فإما أن يكون في أمر الدين فلا يخلو من أن يضل أو يضل أو في أمر الدنيا فإما إن يظلم أو يظلم أو بسبب الاختلاط والمعاشرة فإما أن يجهل أو يجهل عليه فاستعيذ من جميع هذه الأحوال بلفظ سلس موجز وراعى المطابقة المعنوية والمشاكلة اللفظية كقوله:
ألا لا يجهلن أحد علينا ... فنجهل فوق جهل الجاهلينا
ويعضد هذا التأويل الحديث الثاني فقوله هديت مطابق لقوله أن أضل أو أضل، وقوله كفيت لقوله أظلم أو أظلم وقوله ووقيت لقوله أجهل ويجهل علي اهـ. قوله:(باسْمِ اللِّه) أي استعين على كل مرام باسمه تعالى وسبق معنى التوكل والمراد من "على" في أمثال هذا المقام في آخر خطبة الكتاب. وفي شرح المشكاة المقصود أي من قول توكلت على الله طلب الاستعلاء باللهِ على سائر الأعراض والمقاصد لتصحبها إعانته ولطفه وتيسيره وتحفظها قدرته من اعتراء قصور أو فتور. قوله:(أضِلَ) بفتح أوله من الماء في اللبن غاب أي أغيب عن معالي الأمور بارتكاب نقائصها واستحسان قبائحها فأبوء بالقصور عن أداء مقام العبودية. قوله:(أَوْ أُضَل) بضم فكسر مبني للمعلوم أي أضل غيري أو بضم ففتح مبني للمجهول أي يضلني غيري (أَوْ