وأنه لا باقي إلا وجهه. بقوله:(أَنتَ الحق إلخ) ومنتهاه وهذا هو المقصود للسالك وبه ينال أشرف الخصال ويقبل على مولاه ذي الجلال ويكتسب بذلك أشرف الخلال. قوله:(أَنتَ نور السمواتِ والأَرض) قال المصنف في شرح مسلم قال العلماء معناه منورهما أي خالق نورهما "قلت" وفي شرح المشكاة لابن حجر أي منورهما بما أوجدت فيهما من الآيات الدالة على باهر قدرتك وظاهر عظمتك ليستدل بها الحائرون ويسترشد بها المرشدون أي سواء كانت تلك الآيات حسية كالأجرام النيرة أو معنوية كاللطائف المذكورة من العقل والحواس الظاهرة والباطنة وفسر ابن عباس النور في قوله تعالى: ({اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}[النور: ٣٥] بالهادي وفيه استعارة الهداية للسموات والأرض أي جاعلهما محل الهداية لكونهما نصبتا دلائل على وحدانيته واتصافه بأوصاف الكمال وتنزهه من سمات النقص ونظيره قوله تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّه لَا الهَ إِلَّا هُوَ}[آل عمران: ١٨] أي أقام الأدلة على وحدانيته ناطقة بالشهادة له بها وبهذا مع ما هو مقرر من أن العطف كثيرًا ما يكون للتفسير رد قول من قال تفسير النور بالهادي أي في خبر مسلم هذا فيه نظر لإضافتة للسموات والأرض المانع لصحته إلا بتأويل بعيد لا حاجة إليه بل بدفعه عطف ومن فيهن على ما قبله لإشعار العطف بالمغايرة اهـ، هذا كله إن فسرت الهداية بما يقابل الضلال فإن فسرت بالدلالة والإرشاد فلا توقف في صحته لأن كلا من المخلوقين يهتدون بما فطرهم الله عليه إلى منافعهم
قال تعالى: ({قَال رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى}[طه: ٥٠] أي أعطى كل حيوان نظيره ليسكن إليه حتى يحصل التوالد ثم هدى أي أرشد كيف يرتفق بما أعطي وكيف يتوصل إليه فرجع المعنى إلى الله هادي ذوي العلم وغيرهم كلا بما يليق بحاله ويناسبه من عبادة أو غيرها ({وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ