للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتَّى لا يَسْمَعَ التَّأذِينَ"

ــ

القاضي يمكن حمله على ظاهره لأنه جسم متغذ يصح منه خروج الريح ويحتمل أنه كناية عن شدة غيظه ونفاره وقد حكاه عنه شراح مسلم المصنف والأبي

والسيوطي وغيرهم من شراح السنن ومن الغريب ما في شرح المشكاة لابن حجر يحتمل الحقيقة وهو الظاهر وإن لم أر من صرح به إذ لا استحالة في أن يصدر منه تلك الأصوات القبيحة وإن كانت على خلاف عنصره مبالغة في إهانته وتحقيره وإعلامًا بأنه يحصل له من سماع الأذان ذهول مفرط يفزعه ويخرجه عن شعوره وإحساسه فتنحل قواه ويخرج منه تلك الأصوات ويحتمل المجاز وأنه شبه شغله نفسه أي بالهرب عن سماع صوت الأذان بصوت يملأ السمع ويمنعه عن سماع غيره تقبيحا له اهـ، والوجه الأخير ذكره الطيبي وزاد بعد قوله ويمنعه عن سماع غيره قوله ثم سماه ضراطًا تقبيحا له اهـ، ولعل سقوط ثم سماه ضراطًا من كلام شرح المشكاة من قلم الناسخ كما لا يخفى وفي شرح مسلم للأبي لكن سبق أن الأولى الكناية عن المعنى المستقبح سماع لفظه إلَّا أن تدعو ضرورة لذكر اللفظ أو يتضمن ذكره مصلحة كالتقبيح المتقدم ذكره. قوله: (حَتَّى لَا يَسْمع التأْذِينَ) حتى تعليلية لإدباره وقيل ذهابه هروب أن يسمع الأذان بالإيمان كما يفعل بعرفة لما يرى من اجتماع الناس على البر والتقوى وما ينزل عليهم من الرحمة، وقيل لئلا يسمع ذلك فيشهد لقائله لخبر لا يسمع مدى صوت المؤذن إنس ولا جن الحديث، ورد بأنه عام مخصوص بالمؤمن منهما قال المصنف وهذا لا يقبل من قائله لما جاء في الآثار من خلافه وبإخراج غير الناطق وما لا يسمع كالجماد، ورد بأنه عام فيهما بإدراك يخلقه الله تعالى لغير الناطق وادراك وحياة يخلقهما للجمادات ليشهد الجميع ولهذا ذهب ابن عمر فقال المؤذن يشهد له كل رطب ويابس، وقيل إنما يهرب لئلا يسمع الدعاء إلى السجود الذي بسببه عصى، ورد بمجيئه للمصلى بعد انقضاء التثويب قال الأبي وهذا لا يلزم لاحتمال أن يكون رجوعه مغالطة أنه لم يسمع دعاء ولا خالف أمرًا وقيل هروبه لانقطاع طمعه من الوسوسة عند الإعلان بالتوحيد إذ لا يقدر أن يصرف الناس عنه حينئذٍ فإذا سكت المؤذن رجع إلى حالته التي أقدره الله عليها من تشويش الخاطر على المصلي. وبقولنا لئلا يسمع وما بعده يجاب عما يقال ما الحكمة في هربه

<<  <  ج: ص:  >  >>