أحدها وهو أشهرها قاله النضر بن شميل والأئمة بعده: معناه: والشر لا يتقرب به إليك، والثاني: لا يصعد إليك، إنما يصعد الكلم الطيب، والثالث: لا يضاف إليك أدبًا، فلا يقال: يا خالق الشر وإن كان خالقَه، كما لا يقال: يا خالق الخنازير وإن كان خالقَها، والرابع: ليس شرًّا بالنسبة إلى حِكْمَتِكَ، فإنك لا تخلق شيئًا عبثًا، والله أعلم.
ــ
اختلف كلام الزمخشري منهم في ذلك اهـ. قوله:(أَحدُهَا وَهُوَ أَشهرُها قَالهُ النضْرُ بْنُ شُمَيلٍ) أي والخليل بن أحمد وإسحاق بن راهويه ويحيى بن معين وأبو بكر بن خزيمة والأزهري وغيرهم قال صاحب أنوار البروق في أنواء الفروق استدلت المعتزلة على أن الشر من العبد لا من الله تعالى بقوله - صلى الله عليه وسلم - والشر ليس إليك وهذا سلب عام تقوم به الحجة على الأشعري وجوابه أن قوله - صلى الله عليه وسلم - ليس إليك لا بد له من عامل يتعلق به فالمعتزلة يقدرونه ليس منسوبًا إليك حتى يكون من العبد على زعمهم ونحن نقدره والشر ليس قربة إليك لأن الملوك كلهم يتقرب بالشر إليهم إلّا الله تعالى لا يتقرب إليه إلا بالخير وهذا معنى حسن جميل يحمل اللفظ عليه وعليه فيكون اللفظ محتملا لما قلناه ولما قالوه وليس اللفظ ظاهرًا في أحدهما من حيث الوضع بل الاحتمالان منسوبان فيسقط استدلال المعتزلة به لحصول الإجمال فيه اهـ، وأصل هذا الكلام لشيخه العز بن عبد السلام كما نقله عنه السيوطي في حواشيه على النسائي. قوله:(والثَّالثُ) وحكاه الشيخ أبو حامد عن المزني وقاله غيره أيضًا ويؤيده إن عادة العرب ينسبون ما كان يعجبهم إلى الله وإن كانت الأشياء كلها له في الحقيقة. قوله:(لَا يُضافُ إِليك) أي على انفراده. قوله:(فَلَا يُقالُ يا خالِقَ الشَّرِّ ونحوه) بل يا خالق كل شيء وحينئذٍ يدخل الشر في العموم. قوله:(ليسَ شَرًّا إلخ) قال التفتازاني في شرح العقائد فإن قيل كيف كان كسب القبيح سببًا موجبًا لاستحقاق الذم بخلاف خلقه قلنا لأنه قد
ثبت أن الخالق حكيم لا يخلق شيئًا إلا وله عاقبة حميدة وإن لم نطلع عليها فجزمه بأن ما نستقبحه من الأفعال قد يكون فيها حكم ومصالح كما في خلق الأجسام الخبيثة الضارة المؤلمة