فلا بد من تأويل هذا الحديث، فذكر العلماء فيه أجوبة:
ــ
بمعناه عن الأشعري لتقارب الإرادة والمحبة في المعنى اللغوي فإن من أراد شيئًا أو شاءه فقد رضيه وأحبه قال ابن الهمام وهذا الذي قاله إمام الحرمين خلاف كلمة أكثر أهل السنة اهـ. وقال شارح العقيدة المنظومة لليافعي الإرادة والمشيئة والمحبة والرضا معناها واحد عند جمهور أهل السنة لكن قال بعضهم ما سبق إلَّا المحبة والرضا مترادفان وهما غير الإرادة والمشيئة واستدل لذلك بقوله تعالى {وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ}[الزمر: ٧] وأجيب بأنه لا يرضى لعباده المؤمنين الكفر لأنه لم يرده ويرضاه للكفار لأنه أراده لهم أو أنه لا يرضاه شرعًا ودينًا يثيب عليه ويرضاه معصية ومخالفة يعاقب عليها اهـ،
وحاصله أن النفي والإثبات واردان على مختلفين بالحيثية مع اتحادهما بالذات كما قيل في الإشكال المشهور أن الرضا بالقضاء واجب والرضا بالكفر كفر مع أن الكفر بالقضاء مجيبًا بأنه يرضى به من حيث أنه فعل الله تعالى ولا يرضى به من حيث أنه كسب للعبد أو أن الكفر مقضي لا يجب الرضا به إذ هو إنما يجب بالقضاء لا بالمقضي وقال الشيخ عطية السلمي في تفسيره ما تعلق به الثواب يقال فيه إن الله رضيه وأحبه وأراده وشاءه وما تعلق به العقاب يقال فيه أراده وشاءه ولا يقال أحبه ورضيه بل يقال كرهه ونهى عنه ومعنى ذلك أنه لا يثيب عليه لا أنه وقع عليه قهرًا كسائر مكروهات العباد فإن العبد يقع عليه المكروه قهرًا ولو قدر على دفعه والله متعال عن ذلك وهذا مذهب كثير من السلف قال قتادة والله ما يرضى الله لعبد ضلالة ولا أمره بها ولا دعاه إليها وقال ابن عباس والسدي وجماعة إن الله يرضى الكفر للكفار كما يرضى الإيمان للمؤمنين اهـ، والحق إن الخلاف لفظي كذا في المرقاة. قوله:(فَلَا بد مِنْ تأْويلِ هذَا الحديثِ إلخ) قال ابن حجر في شرح المشكاة قال بعضهم وإنما أولنا الحديث لأنه لم يقل أحد من المسلمين بقضيته بل أهل السنة على أن الخير والشر من الله تعالى لا صنع للعبد فيهما والمعتزلة على أنهما من العبد لا صنع لله فيهما ولم يقل عالم سنين ولا بدعي إن الخير من الله والشر من النفس وإنما سمع ذلك من همج العامة اهـ. وفيه نظر ونقله في شرح العباب عن المجموع وعن الشيخ أبي حامد وتعقب بأنه قد نقل ذلك عن المعتزلة كثيرون والظاهر أنهم فرقتان فرقة على الأول وفرقة على الثاني ومن ثم