أن نفي الإجزاء يستلزم نفي الكمال ولا عكس ونفي الكمال خلاف الحقيقة والظاهر والسابق للفهم فكان إضمار الإجزاء متعينًا لا يقال الإجزاء يستعمل إثباتًا ونفيًا في غير الواجب ولا يثبت منه المقصود لأنا نقول محل ذلك فيما إذا لم تنف فيه العبادة بانتفاء بعضها أما في ذلك فلا يكون الإجزاء فيه إلا بمعنى الواجب أي لا بد للصحة منه وهذا غير محل الخلاف في الأصول في الموصوف بالإجزاء إثباتًا ونفيًا هل هو المطلوب أو الواجب الأرجح الأول وعلى الثاني يتم الاستدلال بالحديث السابق ويظهر قول أصحابنا إن الإجزاء لا يقال إلّا في الواجب وإن كان خلاف ترجيحهم إذ الحديث بناء على المخالف القائل أنه لا يوصف بالإجزاء إلَّا الواجب أول على ما قلناه وأبلغ في إلزامه هذا ومما يعين حمل الخبر على ما سبق خبر مسلم من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج ثلاثًا غير تمام الحديث ولفعله - صلى الله عليه وسلم - كما في مسلم مع خبر صلوا كما رأيتموني أصلي ثم هي عندنا واجبة في كل ركعة قيل والحديث بناء على إطلاق الصلاة على الركعة يدل لذلك ويدل له خبر المسيء صلاته ثم افعل ذلك في صلاتك كلها وخبر مسلم إنه - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ الفاتحة في العصرين في الركعات كلها وهو مقدم على ما صح عن ابن عباس أنه لم يكن يقرأ فيهما لأنه نفى على أن رواة الأول وما بمعناه أكبر منه سنًّا وأقدم صحبة وأكثر احتياطًا وأيضًا قد صح أنه شك في ذلك فقال لا أدري أكان يقرأ في الظهر والعصر أم لا وغيره مع كثرتهم جزموا بالقراءة فكانوا أحق بالتقديم وفي حق المأموم وإن كانت الصلاة جهرية والمأموم يسمع واستدل له بعموم هذا الخبر ويدل لدخوله في هذا العموم ما صح بسند لا مطعن فيه وعنعنة راو
فيه مدلس لا تضر لأنه صرح بالتحديث في طريق أخرى صحيحة أيضًا وممن صححه الترمذي والدارقطني والحاكم والبيهقي والخطابي وغيرهم عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه كنا خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الفجر فثقلت عنه القراءة فلما فرغ قال لعلكم تقرأون خلفي قلنا نعم قال لا تفعلوا إلّا بفاتحة الكتاب فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها وأما خبر مسلم إذا قرأ فأنصتوا فمحمول على السورة جمعًا بين الأدلة.
فائدة
ذكر الثعلبي وغيره أن لفاتحة الكتاب عشرة أسماء أخر سورة الفاتحة وأم الكتاب وأم القرآن وقع تسميتها بهذا وما قبله في الصحيح وبه يرد على