فهل يعتبر في الجهر والإسرار وقت الفوات، أم وقت القضاء؟ فيه وجهان، أظهرهما: يعتبر وقت القضاء، وقيل: يُسر مطلقًا.
واعلم أن الجهر في مواضعه، والإسرار في مواضعه سُنة ليس بواجب، فلو جهر موضع الإسرار، أو أسر موضع الجهر، فصلاته صحيحة، ولكنه ارتكب المكروه كراهة تنزيه، ولا يسجد للسهو، وقد قدّمنا أن الإسرار في القراءة والأذكار
ــ
- صلى الله عليه وسلم - في صلاة الليل ولم يستقم تفسيره بغير ذلك لعدم تعقل الواسطة بينهما بتفسيرهما السابق اهـ، وفيما علل به نظر بل الواسطة بينهما متعلقة بأن يزيد على أدنى ما يسمع نفسه من غير أن يبلغ الزيادة إلى إسماع من يليه لكنه عسر ومن ثم قيل إنه لا يكاد يتجوز لا سيما إذا لوحظت حقيقة التوسط ومحل ذلك ما لم يشوش على نحو مصل أو نائم أو خائف رياء وإلَّا فيندب الإسرار قال الأذرعي وينبغي أن يأتي بأقل جهر فإنه لا يشوش على أحد وإذا كان عنده من يسن له إيقاظه فلا بأس بالرفع لأجل ذلك اهـ. ملخصًا والخلاف في نوافل الليل المطلقة كالراتبة فيسن فيها كما في المجموع نقلًا عن الأصحاب وبه أفتى ابن عبد السلام خلافًا لما أفتى به البغوي واعتمده الأذرعي من التوسط فيها ومن زعم الإجماع على الجهر في الوتر بثلاث مفصولة وجعله حجة على من قال إن الثلاث المفصولة صلاة واحدة وإلّا لم يجهر في الأخيرة منها قال في شرح العباب لعله أراد إجماع الخصمين وإلا فدعواه ممنوعة ثم رأيت بعضهم أول دعواه بذلك اهـ. قوله:(فهلْ يُعتبرُ في الجهرِ والإسرارِ وقتُ الفَواتِ) أي وقت أداء الفائت فيجهر في مقضية الصبح بنحو الظهر ويسر في مقضية نحو الظهر ليلًا وجزم به الماوردي واعتمده البلقيني وغيره أخذًا مما صح إنه - صلى الله عليه وسلم - قضى الصبح بعد الشمس فصنع كما كان كل يوم وفي رواية إنه قرأ فيها بالمائدة. قوله:(أَم وقتُ القضاءِ) أم فيه منقطعة بمعنى بل لأن المتصلة تكون بعد همزة الاستفهام نحو {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ}[البقرة: ٦] والمراد أو يعتبر وقت المقضية فيكون بعكس ما سبق فيما قبله. قوله:(أَظْهرهُما يعتَبرُ وقتُ القضاءِ) فإذا قضى جهرية في وقت السر وهو من طلوع