فصل: اعلم أنه يستحب أن يجمع بين هذه الأذكار كلها على ما قدمناه في أذكار الركوع، فإن اقتصر على بعضها، فليقتصر على "سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد، ملء السموات، وملء الأرض وما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعد"، فإن بالغ في الاقتصار اقتصر على "سمع الله لمن حمده، ربنا لك الحمد"، فلا أقل من ذلك.
واعلم أن هذه الأذكار كُلها مستحبة للإمام والمأموم والمنفرد،
ــ
الحديث وبه استدل على إن بعض الطاعات قد يبهتجها غير الحفظة والحكمة في اختصاص العدد المذكور إن عدد حروفه مطابق للعدد المذكور فإن البضع من الثلاث إلى التسع وعدد الذكر المذكور ثلاثة وثلاثون حرفًا ويعكر عليه الزيادة المتقدمة وهي قوله مباركًا عليه كما يحب ربنا ويرضى بناء على إن القضية واحدة ويمكن أن يقال المتبادر هو الثناء الزائد على المعتاد وهو من قوله حمدًا كثيرًا إلخ، دون قوله مباركًا عليه فإنها كما تقدم للتأكيد وعدد ذلك سبعة وثلاثون حرفًا وأما ما وقع عند مسلم والطبراني فهو مطابق لعدد الكلمات في سياق رفاعة ولعددها في سياق الباب لكن على اصطلاح النحاة اهـ. قوله:(أَيهم يكتبُها أَوَّلُ) أما أيهم فرويناه بالرفع وهو مبتدأ خبره يكتبها قاله الطيبي وغيره متبعًا لأبي البقاء في إعراب قوله تعالى: {يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ}[آل عمران: ٤٤] قال وهو في موضع نصب والعامل فيه ما
دل عليه يلقون وأي استفهامية والتقدير مقول فيه أيهم يكتبها ويجوز في أيهم النصب بأن يقدر ذلك المحذوف ينظرون أيهم وعند سيبويه أي موصولة ولتقدير يبتدرون الذي يكتبها أول وأنكر جماعة من البصريين ذلك اهـ، وأول بالبناء على الضم لأنه ظرف قطع عن الإضافة وبالنصب على الحال، وتسارع كل منهم إلى كتابتها قبل الآخرين ليصل لحضرة الحق قبلهم بشيء نفيس يرجى عود أثر من آثاره الصالحة عليه.
فصل
قوله:(وملءَ مَا شئتَ منْ شيْءٍ بعدُ) هذا ما في التحقيق والروضة وأصلها وفي المجموع عن الأصحاب محل إتيان الإمام بذلك إذا رضي به المأمومون وإلَّا اقتصر على ربنا لك الحمد، ومنازعة الأذرعي في ذلك بأن هذا احتمال للإمام لم أره لغيره ردت بأنه ليس كما قال كما يصرح به سياق القمولي وكفى به مطلعًا