وهو في المسجد، وهما منصوبتان وهو يقول: "اللهُم أعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وبِمُعافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وأعُوذُ بِكَ مِنْكَ،
ــ
الأحوال الفعلية متى طرقها الاحتمال كساها ثوب الإجمال وسقط بها الاستدلال وهو هنا محتمل لكونه من وراء حائل فلا يعارض ما دل عليه قوله تعالى:{أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ}[النساء: ٤٣] من النقض باللمس. قوله:(وهُو في المسجِدِ) هذا ما في صحيح مسلم وفي بعض نسخ المشكاة في السجدة وفي بعضها السجود. قوله:(وهمَا منصوبتَانِ) فيه نصب القدمين في السجود ويجب عندنا الاستقبال برؤوس أصابعهما ولا يحصل ذلك إلَّا إذا كان معتمدًا على بطونهما. قوله:(أَعوذُ بِرضاكَ منْ سَخَطِكَ إلخ) في حاشية السيوطي عن النسائي قال ابن خاقان البغدادي نقلا طلب الاستعانة من الله تعالى نقص في التوكل وقوله - صلى الله عليه وسلم - أعوذ برضاك من سخطك أي أنت الملجأ دون حائل حال بيني وبينك فصدق فقره إلى الله تعالى بالغيبة عن الأحوال وإضمار الخبر أي أسألك الرضا عوضًا عن السخط ذكره ابن باكويه الشيرازي في أخبار العارفين اهـ، وقال الخطابي كما نقله عنه المصنف في شرح مسلم مع زيادات فيه من كلام غيره في هذا معنى لطيف وذلك إنه استعاذ بالله تعالى وسأله أن يجيره برضاه من سخطه وبمعافاته من عقوبته وأتى بالمفاعلة مبالغة وصرح بهذا مع تضمن الأول له لأن الإطناب في مقام الدعاء محمود ولأن المطابقة أقوى من التضمن ولأن الراضي قد يعاقب للمصلحة أو لحق الغير فكان التصريح بذلك لا بد منه والرضا والسخط ضدان متقابلان وكذا المعافاة والعقوبة فاستعاذ من أحد الضدين بالآخر وفيه تدل لما فيه من الانتقال من صفات الذات إلى صفات الأفعال وفي رواية عكسه ليكون من باب الترقي إذ صفات الذات أجل وأفخم وإنما استعاذ بصفات الرحمة لسبقها وظهورها من صفات الغفحب ثم لما ترك النظر إلى الأكوان وترقى مما له ضد صار إلى ذكر ما لا ضد له فني عن جميع صفاته وارتقى إلى مشاهدة ذاته وأحسن التجريد بإظهار التوحيد فاستعاذ به منه لا غير فقال. قوله:(وأَعوذُ بكَ) مشاهدة للحق وغيبة عن الخلق وهذا محض العرفان الذي لا يعبر عنه قول ولا يضبطه صفة ومعناه الاستغفار من التقصير في بلوغ الواجب من عبادته والثناء