وأجمعها ما قيل إن التحيات العبادات القولية والصلوات العبادات البدنية والطيبات العبادات المالية. قوله:(السلام عَليكَ) لما ذكر - صلى الله عليه وسلم - الثناء المتعلق بالخالق وكان وصول ذلك الفيض إلينا بواسطته أمرنا بإفراده بالذكر إظهارًا لعظيم شرفه ومزيد حقه حتى يفوز بقربه وحبه معبرًا عنها بالنبي وفيما يأتي بالرسول للترتيب الوجودي إذ النبوة المستفادة من "اقرأ" النازلة أولًا مقدمة على الرسالة المستفادة من ({قُمْ فَأَنْذِرْ (٢)} [المدثر: ٢]، النازلة له ثانيًا على الأصح فقال مبلغًا عن الله لا من اجتهاده كما يدل عليه قول الصحابة الآن قد عرفنا كيف نسلم عليك أي هنا لا في سلام التحلل فكيف نصلي عليك.
واختلف في المراد هنا فقيل المعنى اسم السلام عليك أي اسم الله عليك فإن السلام من أسمائه إذ هو المسلم لعباده من الآفات واستبعد إلّا أن يراد بالاسم آثاره ومظاهره أي آثار اسمه السلام من المكاره والآفات ونحوها مترادفة عليك أيها النبي قال ابن حجر في شرح المشكاة وأشار إليه البيهقي بقوله معناه السلام الذي هو اسم من أسماء الله عليك وتأويله لا خلوت من البركات والخيرات وسلمت من المكاره والآفات إذ كان اسم الله إنما يذكر على الأمور توقعًا لاجتماع معاني الخير والبركة فيها وانتفاء عوارض الخلل عنها ويحتمل أن تكون بمعنى السلامة أي سلمك الله من المذام والنقائص فمعنى اللهم سلم على محمد اكتب له في دعوته وأمته وذكره السلامة من كل نقص فتزداد دعوته على ممر الأيام علوا وأمته تكاثرًا وذكره ارتفاعًا اهـ. وقال التوربشتي السلام بمعنى السلامة كالمقام والمقامة وهو اسم من أسماء الله تعالى وضع المصدر موضع الاسم مبالغة والمعنى إنه سالم من كل عيب ونقص وفساد ومعنى قولنا السلام عليك في الدعاء سلمت من المكاره اهـ، وقيل معناه الله عليك حفيظ وكفيل كما تقول معك الله أي متوليك وكفيل بك، وقيل معناه السلامة والنجاة لك قال الأزهري فالسلام بمعنى التسليم ومن سلم الله عليه سلم من الآفات اهـ، ويكون مصدرًا كاللذاذ واللذاذة قال تعالى:{فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ}[الواقعة: ٩١]، وقيل الانقياد لك كما في قوله تعالى:
{ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}[النساء: ٦٥]، قال ابن دقيق العيد ليس يخلو بعض هذا من نقص لأن السلام يتعدى لبعض هذه المعاني بلفظ على