حديث الصحيحين فمن ترك واحدة منها سمعت الدعوى عليه وإن لم يكن على وجه الحسبة من كل مسلم لتعدية بركتها على كل مسلم قال ابنه ووجدت في كلام القفال ما يشهد له اهـ. لكن قد يقال إنه ليس قضيتهما ذلك ولا بد لاحتمال أن يكون أخذ ذلك من كون الضمير في علينا عائدًا على المسلمين أي السلام علينا معشر المسلمين وعبارة القفال في فتاويه ترك الصلاة يضر بجميع المسلمين لأن المصلي لا بد أن يقول السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فيكون مقصرًا بخدمة الله وفي حق رسول الله وفي نفسه وفي حق كافة المسلمين ولذا عظمت المصيبة بتركها ثم أل في الصالحين مفيدة للعموم لأنه جمع على بأل ومما يدل له قوله - صلى الله عليه وسلم - إذا قال ذلك أصاب كل عبد صالح في السماء والأرض ومن نازع في كونها للعموم فقد غفل عن هذا ونحوه الكثير مما يصرح بأنها للعموم وخص الصالحون بذلك للتعظيم وأصل الصلاح استقامة الشيء على كماله والفساد ضده وكمال ذلك إنما يتحقق في الآخرة لأن أحوال العاجلة وإن وصفت بالصلاح في بعض الأحوال لا تخلو عن فساد وخلل إذ لا يصفو ذلك إلّا في الآخرة خصوصًا لزمرة الأنبياء لأن الاستقامة التامة لا تكون إلا لمن فاز بالقرب الأعلى ونال المقام الأسنى ومن ثم كانت هذه المرتبة مطلوب الأنبياء قال تعالى في حق خليله ({وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (١٣٠)} [البقرة: ١٣٠] وحكى عن يوسف ({وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (٨٣)} [الشعراء: ٨٣]، وتقدم الحكمة في الفرق بين الإخبار بأن الأول من الصالحين وسؤال الثاني لذلك. قال بعضهم وصلاح الأنبياء صلاح خاص لا يتناوله عموم الصالحين واحتج بأنه قد تمنى بعض الأنبياء اللحاق بالصالحين ولا يتمنى الأعلى اللحاق بالأدنى ولا خلاف أن النبوة أعلى من صلاح الصالحين من الأمم فهذا يحقق إن الصلاح المضاف إلى الأنبياء غير الصلاح المضاف إلى الأمم وصلاح الأنبياء صلاح كامل لأنه يزول بهم كل فساد فلهم كمال الصلاح ومن دونهم الأمثل فالأمثل فكل واحد يستحق اسم الصلاح على قدر ما زال به أو منه من الفساد ولشرف وصف صلاح الأنبياء تطابق الأنبياء ليلة الإسراء على وصف نبينا - صلى الله عليه وسلم - به لشموله خلال الخير كذا في الابتهاج. قواهه:(أَشهَدُ أَن لَا إلهَ إلَّا الله) أي أعلم وأتيقن وإنما أتي بلفظ أشهد دونهما لأنه أبلغ في معنى العلم