واليقين فإنه يستعمل في ظواهر الأشياء وبواطنها بخلاف العلم واليقين فإنهما يستعملان غالبًا في البواطن دون الظواهر ولهذا قال الفقهاء لا يصح أداء الشهادة بدون لفظ أشهد من أعلم وأتيقن.
وسبق في باب فضل الذكر في حديث جابر بعض إعرابات كلمة التوحيد ونذكر حاصل ذلك بزيادة عليه فنقول: قال بعض المحققين يجوز في الاسم الواقع بعد إلا ستة أوجه "أولها" أن خبر لا محذوف أي موجود أو في الوجود والله بدل من موضع لا مع اسمها أو من موضع اسمها قبل دخول لا "ثانيها" إن الخبر محذوف والله بدل من الضمير المستتر في الخبر المحذوف وهذا لا كلفة فيه واختاره بعض المتأخرين "ثالثها" إن الخبر محذوف وإلا الله صفة لإله على موضع لا مع اسمها أو من موضع اسمها فبل دخولها ولا يستنكر وقوع إلا صفة فقد جاء {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إلا اللَّهُ لَفَسَدَتَا}
[الأنبياء: ٢٢] ويصير المعنى لا إله غير الله في الوجود وقد جاء ({مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}[الأعراف: ٥٩] ولكن الخبر محذوف كما تقدر قدره بعضهم في الوجود وبعضهم كائن ويرد عليه ما تقدم عن ناظر الجيش في رد إعراب الجرجاني من أن القصد من كلمة التوحيد نفي الإلهية عن غيره تعالى وإثباتها له ولا يفيده التركيب الأخير نعم يفيده بالمفهوم وأين هو من المنطوق اهـ، ومما يرد على هذا الإعراب إن إلا الوصفية إنما هي التابعة لجمع منكر غير محصور وذلك نحو قوله: ({لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إلا اللَّهُ}[الأنبياء: ٢٢] أما في غير ذلك فضعيف كما في الكافية الحاجبية وغيرها "رابعها" أن يكون الاستثناء مفرغًا وإله اسم لا بني معها وإلا الله الخبر وهذا منقول عن الشلوبين فيما علقه على المفصل ونقله ابن عمرون عن الزمخشري في حواشيه وإن كان في المفصل قال غيره وذهب إلى أن الخبر محذوفة "خامسها" أن لا إله في موضع الخبر وإلا الله في موضع الابتداء ذكر ذلك الزمخشري في كلام تلقفه عنه بعض تلامذته وقال العصام جعل الزمخشري كلمة التوحيد جملة تامة مستغنية عن تقدير الخبر وكتب فيه رسالة ومحصول ما ذكره أن أصل التركيب الله إله فدخل لا وإلا للحصر فالمسند إليه هو الله والمسند هو إله وهذا مما يتحير في تعقله الأذكياء ويتعجبون من كلامه هذا وأنا أوضحه لك بكلام وجيز وهو أنه لو أبدل لا وإلا بإنما وقيل إنما الله إله لكان كلامًا تامًّا من غير تقدير وإنما بمعنى ما للنفي وكلمة إلا فعلم أن قول النحاة بالتقدير لداع لفظي هو أن لا تطلب خبرًا