خاتمة الأمر وقد سبق خبر صلوا كما رأيتموني أصلي ولم يخرجها شيء عن الوجوب إذ لم يثبت أنه تركها في التشهد الأخير بخلاف التشهد الأول فقد ثبت جبر تركها بسجود والواجب يتدارك ولا يترك، وأما زعم تفرده بذلك وما يتعلق به فهو قصور من قائليه وإن كثروا كيف وقد نقل أصحابنا الحفاظ والفقهاء القول بالوجوب عن جمع من الصحابة منهم ابن مسعود وأبو مسعود البدري وجابر بن عبد الله وعمر وابنه عبد الله وجماعة من التابعين كالشعبي والباقر وأبيه وابنه وناهيك بهم ومحمد بن كعب القرظي ومقاتل بن حبان، وظاهر كلام الشعبي وهو من كبار التابعين أن ذلك إجماع أو قريب منه حيث قال كما رواه البيهقي عنه بسند قوي كنا نعلم التشهد فإذا قال وأشهد أن محمدًا رسول الله يحمد ربه ثم يثني عليه ثم يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم يسأل حاجته، بل قال خاتمة الحفاظ شيخ الإسلام ابن حجر لم أر عن أحد من الصحابة والتابعين التصريح بعدم الوجوب إلّا ما نقل عن إبراهيم النخعي ومع ذلك فلفظ المنقول عنه يشعر بأن غيره كان قائلا بالوجوب اهـ. وحينئذٍ فكيف يدعي أن الإجماع أو عمل السلف الصالح على خلاف قول الشافعي وممن وافقه من فقهاء الأمة أحمد في القول الأخير وعليه أكثر أصحابه ومالك واعتمده ابن المواز من أصحابه وصححه ابن الحاجب في مختصره وابن العربي في سراج المريدين وقول الخطابي لا أعلم له فيها قدوة فيه نوع عذر له لأنه إنما نفى علمه الدال على غفلته مع كونه إمام السنة في وقته عما ذكرناه من الأحاديث الصريحة فيه وسبق القول بها عمن مر من الصحابة وغيرهم وقوله عمل السلف الصالح وإجماعهم على خلافه زلة منه بعد معرفة ما تقرر فإن أراد بالعمل الاعتقاد فزلة أعظم لأنه يتوقف على نقل صريح صحيح عنهم أنها ليست بواجبة ولن يجد ذلك مع ما قدمناه من إن ذلك لم يحفظ عن صحابي أو تابعي إلا النخعي، ومن ثم قال بعض الحفاظ إن استدللتم بعمل الناس فهو من أقوى أدلتنا فإنه لم يزل عملهم مستمرا عليها آخر صلاتهم إمامهم ومأمومهم مفترضهم ومتنفلهم وهذا مما لا يمكن إنكاره وإن استدللتم بالإجماع فباطل وساق ما تقدم ولم يخالف الشافعي من أصحابه إلَّا من شذ واستروح كالخطابي وابن المنذر وابن جرير وكأنه لم يقف على هذه الأحاديث أو لم تصح عنده،
وقد عد القول بإيجابها في التشهد الأخير من محاسن مذهب إمامنا الشافعي بل قال بعض المحققين لو سلم تفرده بذلك لكان جيد التفرد وزعم القاضي عياض إن الناس شنعوا عليه جوابه