وعن ذي النون المصري رحمه الله قال: ثلاث من علامات الإخلاص: استواء المدح والذمّ من العامَّة،
ــ
الخلق وقصره نظره على الحق. قوله:(لا إعجاب له) أي وذلك لعدم رؤياه نفسه فلا يرى لها حالاً ولا مقاماً حتى يعجب به زاد الأهدل نقلا عنه قوله والعجب يخشى منه في العمل وبعده ثم قال وهذا بناء على الفرق بين الإخلاص والصدق ويحتمل عنده أن يقال الفرق بين الصدق والإخلاص أن الإخلاص تصفية العمل من الشوائب والصدق عدم الالتفات إلى العوارض والعوائق ثم قال بعد ذكر الفرق بين الإخلاص والصدق وقد يتداخلان لقرب المعاني اهـ.
قوله:(استواء المدح والذم من العامة) أي من جميع الناس لا من بعضهم فقط لمعنى يخصه وهذا أول درجات الإخلاص وهو السلامة من الرياء قال العارفون من فرح بالمدح أو رضي به فهو محجوب قالوا ومن خفي الرياء أن يخفى بحيث لا يريد الاطلاع على عمله ولا يسره ذلك ولكنه يحب أن يبدأ بالسلام ويقابل بالإعظام ومتى قصر أحد معه في ذلك ثقل عليه لثقل طاعاته التي أخفاها عند نفسه فكأن نفسه تطلب أن تحترم في مقابلة ذلك حتى لو فرض أنها لم تفعل تلك الطاعات لما كانت تطلب تلك المقامات وقالوا كل من وجد في نفسه فرقاً بين اطلاع الصغار والمجانين واطلاع غيرهم على عباداته فعنده شوب من الرياء إذ لو علم إن الله هو الضار النافع القادر على كل شيء وغيره العاجز عن كل شيء لاستوى عنده الصغار والكبار ولم يتأثر بحضور كبيرهم ولا صغيرهم والحاصل أنه مهما لم يكن وجود الطاعة كعدمها في كل ما يتعلق بالخلق لم يكن قد قنع بعلم الله تعالى ولم يخل من شوب خفي الرياء قال الغزالي ويوشك أن يحبط الأجر اهـ، فعلامة الإخلاص استواء مدح القوم عنده وذمهم لأنه صفي ذمته عن ملاحظة الأغيار واكتفى بعلم عالم الأسرار ومن كان كذلك استوى عنده المدح الصادر من الخلق والقدح فأقبل على