أما البخاري فأخرج أصل الحديث ليس فيه التقييد بالتشهد ولا صيغة الأمر فحيث جمع بينهما أراد أصل الحديث وحيث أفرد أراد اللفظ المخصوص، وقد ذكره في شرح المهذب فقال رواه البخاري ومسلم واللفظ له اهـ. قال الحافظ ولفظ البخاري ذكره في كتاب الجنائز من حديث أبي هريرة قال كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: اللهم إني أعوذ بك الخ فذكر الحديث اهـ. قوله:(إِذا فَرَغَ أَحدُكْم منَ التَّشَهُّدِ الأَخِيرِ) خرج به التشهد الأول فلا يسن فيه دعاء بل ولا صلاة على الآل كما مر لبنائه على التخفيف بخلاف الأخير فإنه يسن في جميع ما ورد هنا وفي غيره اتباعًا له - صلى الله عليه وسلم -. قوله:(فليتعوذ) قال بعض رواة هذا الحديث بوجوب هذا الدعاء لما ورد في حديثه بلفظ قل أو فليقل والأصل في الأمر الوجوب وكان أمر ولده أن يعيد ما صلاه بغير هذا التعوذ والمختار عند العلماء الاستحباب والأمر مصروف إليه قال المصنف في شرح مسلم وظاهر كلام طاوس حمل الأمر به على الوجوب فأوجب إعادة الصلاة لفواته وجمهور العلماء على أنه مستحب ليس بواجب ولعل طاوسًا أراد تأديب ابنه وتأكيد هذا الدعاء عنده لا أنه يعتقد وجوبه اهـ. وقال القلقشندي أوجبه ابن حزم الظاهري لظاهر الأمر ونقل عن طاوس أنه أمر ابنه بإعادة الصلاة لما ترك هذا الدعاء وحملوه على أنه أراد بذلك خشية أن يعتاد ترك السنن لا أنها فسدت بترك الواجب اهـ. قوله:(عذَاب جهنَّمَ) قدم لأنه الغاية التي لا أعظم في الهلاك منها وفي التهذيب للمصنف جهنم اسم لنار الآخرة نسأل الله الكريم العافية منها ومن كل بلاء قال الإمام أبو الحسن الواحدي قال يونس وأكثر النحويين جهنم اسم للنار التي يعاقب بها في الآخر وهي أعجمية لا تنصرف للتعريف والعجمة قال وقال آخرون جهنم اسم عربي سميت نار الآخرة بها لبعد قعرها ولم تصرف للتعريف والتأنيث قال قطرب حكي لنا عن رؤبة أنه قال ركية جهنام يريد بعيد القعر هذا ما في سورة البقرة منه، وقال في الأعراف جهنم لا تنصرف للتعريف والتأنيث قال وقال بعض أهل اللغة اشتقاقها من الجهومة وهي الغلظ يقال يهم الوجه أي غليظه فسميت جهنم لغلظ أمرها في العذاب اهـ.