وروينا في "صحيحي البخاري ومسلم" عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يدعو في الصلاة:"اللهُم إني أعُوذُ بكَ مِنْ عَذَاب القَبْرِ، وأعُوذُ بكَ مِنْ فِتْنَةِ المَسيح الدَّجَّالِ، وأعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المَحْيا والمَماتِ، اللهُم إني أعُوذُ بِكَ مِنَ المأثَم والمَغْرَم".
ــ
طرقه عند مسلم سوى ما تقدم ثلاثة ليس فيها شيء بقيد التشهد وليس فيها بلفظ الأمر إلا روايته عن أبي هريرة قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عوذوا بالله من عذاب القبر عوذوا بالله من فتنة المحيا والممات عوذوا باللهِ من فتنة المسيح الدجال وأخرجه بهذا اللفظ النسائي اهـ. قوله:(إِذَا تشهَّدَ) أي فرغ من التشهد والمراد الأخير لما في الحديث قبله وبه يندفع قول ابن دقيق العيد أنه عام في التشهد الأول والأخير ومن خصه بالأخير لا بد له من دليل راجح وإن كان نصًّا فلا بد من صحته اهـ. قوله:(وَرَوَينَا في صحيحي البخارِي ومسلم) قال في السلاح ورواه أبو داود والنسائي وقال الحافظ بعد تخريجه وزاد فيه ما سيأتي قريبًا وأخرجه أحمد. قوله:(وأَعوذُ بكَ منْ فتْنةِ المحيَا والمماتِ) هذا تعميم بعد تخصيص على طريق اللف والنشر المشوش لأن عذاب القبر دخل تحت فتنة الممات وفتنة الدجال دخلت تحت فتنة الحياة وقال ابن دقيق العيد فتنة المحيا ما يعرض للإنسان مدة حياته من الافتتان بالدنيا والشهوات والجهالات والمحن والبليات.
فإن قلت لم تقدم مع ذكر الخاص ما يتعلق بالآخرة وهو عذاب القبر ومع ذكر العام ما يتعلق بالدنيا وهو فتنتها.
قلت لأنه لا يلزم من السلامة من عذاب القبر السلامة من سائر فتن الآخرة ولا يلزم من السلامة من فتنة الدجال السلامة من سائر فتنة الدنيا فكانت فتنتها أهم بالذكر لأنه لم يسبق ما يغني عنها بخلاف فتنة القبر فقد سبق ما يغني عنها كما تقرر فافهمه. قوله:(أَعوذُ بكَ منَ المأْثم والمغرمِ) وتتمته كما قال فقال له قائل وفي رواية عثمان عن عائشة قالت قلت يا رسول الله ما أكثر ما تستعيذ من
المغرم فقال أن الرجل إذا غرم حدث فكذب ووعد فأخلف والمأثم هو الإثم نفسه أو الأمر الذي يأثم به الإنسان من جميع العصيان أو ما فيه الإثم ولا بدع في سؤال