للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن عجز عن جميعها فليقتصر من مختصراتها على ما شاء ولو كان ذِكْرًا واحدًا.

والأصل في هذا الباب من القرآن العزيز قول الله سبحانه وتعالى: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا} [طه: ١٣٠] وقال تعالى {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ

ــ

إطلاقه المساء على ما ذكر أي من غروب شمس اليوم والصباح على ما يأتي أي طلوع الفجر يؤخذ ما قررناه سابقًا أن الأذكار المقيدة بالصباح والمساء ليس المراد فيها حقيقتهما من نصف الليل إلى الزوال في الأول ومنه إلى نصف الليل في الثاني كما نقل عن ثعلب وإنما المراد بهما العرف من أوائل النهار في الأول وآخره في الثاني ويؤيده أن ابن أم مكتوم الأعمى مؤذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان لا يؤذن الأذان الثاني الذي هو علامة على الفجر الصادق حتى يقال له أصبحت أصبحت والصباح ابتداؤه من هذا الوقت وما قرب منه لا من نصف الليل وشروع الأذان منه عندنا لا يدل على أنه من حينئذ لا يسمى صباحًا اهـ، وسبقه لذلك ابن الجزري فقال من قال إن ذكر المساء يدخل بالزوال فكيف يعمل في قوله أسألك خير هذه الليلة وما بعدها وهل تدخل الليلة إلَّا

بالغروب اهـ، وسبقه أيضًا لذلك العلامة الرداد وزاد بيان آخر الوقت في كل منهما فقال في موجبات الرحمة وعزائم المغفرة وقت أذكار الصباح من طلوع الفجر إلى الضحي وما بقي وقتها فحكم الصباح منسحب عليه والمختار منه من طلوع الفجر إلى أن تكون الشمس من ناحية المشرف كهيئتها من ناحية المغرب عند العصر ووقت أذكار المساء من بعد صلاة العصر إلى المغرب إلى أن يمضي ثلث الليل أو نصفه والله أعلم، وقال ابن حجر في شرح المشكاة في الكلام على حديث عثمان الآتي في الباب ثم ظاهر في الصباح والمساء وحين يصبح وحين يمسي أنه لو قال أثناء النهار أو الليل لا تحصل تلك الفائدة وعظيم بركة الذكر يقتضي الحصول وسيأتي في الكلام على ذلك الحديث لهذا المقام مزيد. قوله: (عجزَ) بفتح الجيم على الأفصح. قوله: (وسبح، بحمد ربكَ) قال في الكشاف بحمد ربك في موضع الحال أي وأنت حامد لربك على أن وفقك للتسبيح وأعانك عليه والمراد بالتسبيح الصلاة أو على ظاهره. قوله: (قبْلَ طُلوع الشَمسِ) قال الواحدي يريد الفجر. قوله: (وقبْلَ غرُوبهَا) يعني العصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>