وروينا في "صحيح البخاري" عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال:"وكَّلني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحفظ زكاة رمضان، فأتاني آت، فجعل يحثو من الطعام ... "، وذكر الحديث، وقال في آخره:
ــ
قدمنا أنه لا يلزم من الرسالة النبوة ولا عكسه واحتج بعض بهذا الحديث لمنع الرواية بالمعنى والجمهور على جوازها من العارفين ويجيبون عن هذا الحديث بأن المعنى هنا مختلف ولا خلاف في المنع إذا اختلف المعنى اهـ، وعلل أيضًا بأنه كان نبيًّا قبل أن كان رسولًا وقال الطييي النبي فعيل مبني للمبالغة من النبأ بمعنى الخبر لأنه أنبأ عن الله ويجوز فيه تحقيق الهمز وتخفيفه وقيل مشتق من النبوة وهي الرفعة ورد النبي - صلى الله عليه وسلم - على البراء حين قال ورسولك الذي أرسلت بما رد عليه ليختلف اللفظان ويجتمع الثناء بين معنى الارتفاع والإرسال ويكون تعديدًا للنعمة في الحالين وتعظيمًا للمنة على الوجهين اهـ.
قوله:(وَرَوَينَا في صَحيحِ البُخَارِي) ورواه النسائي ورواه الترمذي من حديث أبي أيوب
الأنصاري أنه كان له طعام في سهوة له فكانت الغول تجيء فتأخذه فشكاها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وذكر الحديث وقال حسن غريب وفي بعض طرق حديث أبي أيوب قالت أرسلني وأعلمك آية من كتاب الله لا تضعها على مال أو ولد فيقربك شيطان أبدًا قلت وما هي قال لا أستطيع أن أتكلم بها آية الكرسي كذا في السلاح. قوله:(وكَّلني رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بِحِفْظِ) أي فوض إلي الأمر في حفظ ذلك فالوكالة هنا بالمعنى اللغوي وهو مطلق تفويض أمر للغير وزكاة رمضان زكاة الفطر كانوا يجبونها ثم تفرق على مستحقيها وأضيفت إليه لأن إدراك جزء من آخره شرط في إيجابها ولأنها تجبر خلل الصوم وما تمنع كماله فهي بمعنى اللام وتجويز كونها بمعنى من مردود بأن شرطها كون المضاف نوعًا من المضاف إليه والزكاة مع رمضان ليست كذلك وفي الحديث أن على الإمام جمع الزكوات وإقامة من يحفظها إلى أن تصل لمستحقها. قوله:(فَجَعَلَ) أي شرع. قوله:(وفي آخرِه) أي آخر الحديث قال دعني أعلمك كلمات ينفعك الله بها إذا أويت الخ، وكان ينبغي للمصنف ذكر هذه الجملة لما فيها من الحث على قراءتها قال ابن حجر في شرح المشكاة ومن ذلك النفع ما في حديث البيهقي يعني آية الكرسي حين يأخذ مضجعه آمنه الله على داره ودار جاره وأهل دويرات حوله وقولي إن هذا من جملة نفعها أولى من قول الشارح