وانْصُرني على عَدُوِّي وأرني مِنْهُ ثأري، اللهُم إني أعُوذُ بِكَ من غَلَبَةِ الدَّينِ وَمِنَ الجُوعِ فإنهُ بِئْسَ الضَّجِيعُ".
قال العلماء: معنى اجعلهما الوارث مني: أي: أبقهِما صحيحين سليمين إلى أن أموتَ، وقيل: المراد: بقاؤهما وقوتهما عند الكِبَر وضعف الأعضاء
ــ
الحواس وحاصله توقف ما يؤدي للإيمان عليهما دون غيرهما لأن
الدلائل إنما تكون مأخوذة من الآيات المنزلة وذلك بطريق السمع أو من الآيات المنصوبة في الآفاق والأنفس وذلك بطريق البصر فسأل التمتع بهما حذرًا من سلك في وعلى سمعهم وأبصارهم غشاوة أشار إليه الطيبي. قوله:(وأنصرني عَلَى عدُوي) أي من عاداني فيك بأن تظفرني عليه بالقهر والحجة البالغة حتى يندفع شره عن العوام، ويرجع عن بدعته وضلالته كذا قيل ولو عمم عدو ليشمل من عادى في الدين أو في الدنيا كما يدل عليه إضافته المقتضية للعموم حيث لا عهد لم يبعد خصوصًا يقر به أن الدعاء كلما عم تم. قوله:(ثأري) هو في الأصل الغضب والحقد من الثوران يقال ثار أي هاج غضبه وأريد به هنا ما يتولد عن الغضب من الجناية على الغير والمؤاخذة بها أي أرني ما استحق من قصاص وهو أخذه بجناية من العدو نفسه ليكون أبلغ في ظهور النصر. قوله:(ومنَ الجُوع) هو ما ينال الحيوان من ألم خلو المعدة المؤدي تارة إلى المرض وأخرى إلى الموت. قوله:(فإِنه بَئْسَ الضجيع) أي المضاجع شبه في ملازمته للجائع مع إضراره له بمضاجع يريد نحو هلاكه بجامع أن هذا فيه منع صحة البدن بتحليل مواده المحمودة الناشئة عن الأغذية الصالحة والدماغ بإثارته الأفكار الفاسدة والخيالات الباطلة وذلك يؤدي للتعطل عن العبادة الظاهرة والباطنة قال أبو عبيد وقوله فإنه بئس الضجيج يدل على أن الجوع من أشد ما ابتلي به العبد وبئس كلمة تجمع كل مذموم قال تعالى: {فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ}[النحل: ١١٢] أي ابتلاها بشر ما خبرت من عقاب الجوع والخوف اهـ. قوله:(وقوَّتهُما) بالرفع عطف على بقاء لا على الضمير المضاف إليه لأن العطف على الضمير المجرور يلزم فيه إعادة الجار على الصحيح.