وذَكَرَ اللهَ عَز وجَل حتى يُدْرِكَهُ النُّعَاسُ لَمْ يَنقَلِبْ ساعةً مِنَ اللَّيلِ يَسألُ الله عز وَجَل فِيها خَيرًا مِنْ خَيْرِ الدنْيا والآخِرَةِ، إلا أعطاهُ إياهُ".
وروينا فيه عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أوى إلى فراشه قال: "اللهُم أمْتِعني بِسمعي وبَصري، واجْعَلْهُما الوَارِثَ مِني،
ــ
وإيماء إلى أنه أقل أنواعها فيكفي المجنب أن يتوضأ وينام أو يتيمم عند فقد الماء حسًّا أو شرعًا والظاهر أن ما في هذا الحديث إنما يحصل بالطهر من المحدثين بالوضوء إن كان ذا حدث أصغر فقط أو بالغسل أو التيمم عند تعذره حسًّا أو شرعًا إن كان ذا حدث أكبر لأن الحاصل بالوضوء للجنب إنما هو تخفيف الحدث لا رفعه ثم رأيت القرطبي أشار لذلك في المفهم وعبارته ويتأكد الأمر في حق الجنب غير أن الشرع قد جعل وضوء الجنب عند النوم بدلًا من غسله تخفيفًا عنه وإلا فذلك الأصل يقتضي ألا ينام حتى يغتسل اهـ. قوله (وَذَكَرَ الله) أي بلسانه أو جنانه وإن ضمهما فنور على نور. قوله:(النعاسُ) تقدم في الفصول أول الكتاب أنه أوائل النوم وعلامته سماع كلام الحاضرين وإن لم يفهمه والظاهر أن المراد به هنا النوم. قوله:(يَسْأَلُ الله عَز وجَلّ فيهَا خيْرًا الخ) ففيه الإشارة إلى أن النوم على الطهارة من أسباب إجابة الدعاء كلما انقلب في ليلته. قوله:(وَرَوَينا فيهِ عَن عائِشَةَ الخ) قال الحافظ وقع لنا هذا المقدار من الحديث عن جماعة من الصحابة غير مقيد بالنوم منه عن جابر عند البزار ومنها عن عبد الله بن الشخير عنده عند الطبراني ومنها عن كل عند الحاكم بسند رواته ثقات وهو حديث حسن صححه الحاكم وفيه نظر لانقطاع في سنده وفي الباب عن أبي هريرة عند الترمذي وغيره وعن ابن عمر عند الترمذي أيضًا والله أعلم. قوله:(أمْتِعني بسَمعي وبَصَري) أي لأصرف السمع فيما خلق له من نحو سماع قرآن وذكر أو علوم ومعارف أو حكم ومواعظ والبصر وهو الجوهر اللطيف الذي ركبه الله تعالى حاسة النظر يدرك المبصرات فيما خلق له من مشاهدة بدائع المصنوعات وعجائب المخترعات الدال على كمال القدرة وجلال الذات وعلم مما ذكر وجه تخصيص هذين بالذكر دون بقية