للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كُلَّ لَيلَةٍ إلى السَّماءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ فَيَقُولُ: مَنْ يَدْعُوني

ــ

آخر فقال إن كان التأويل من المجاز البيِّن الشائع فالحق سلوكه من غير توقف أو من المجاز المعين الشاذ فالحق تركه وإن استوى الأمران فاختلاف جوازه وعدمه مسألة فقهية اجتهادية فالأمر فيها ليس بالخطر بالنسبة للفريقين وربما يقرر علم بطلان اعتقاد تلك الظواهر وإنه تعالى منزه عن الجهة والمكان والجسم وسائر أوصاف الحدوث وهذا معتقد أهل الحق ومنهم الإمام أحمد وما نسبه إليه بعضهم من القول بالجهة أو نحوها كذب صراح عليه وعلى أصحابه المتقدمين كما أفاده ابن الجوزي من أكابر الحنابلة وما وقع في كلام بعض المحدثين والفقهاء مما يوهم الجهة أو التجسيم أوله العلماء وقالوا أن ظاهره غير مراد فعليك بحفظ هذا الاعتقاد واحذر زيغ المجسمة والجهوية أرباب الفساد. قوله: (تبَاركَ وتعَالى) تقدم بيان معناه في القنوت وغيره والفصل به بين الفعل ومتعلقه إشارة إلى أنه ليس المراد بالنزول منه تعالى ظاهره تعالى عن ذلك علوا كبيرًا. قوله: (إِلى السماءِ الدُّنيا) روى يهبط من السماء العليا إلى السماء، وتأويله أما بتنقل من مقتضى صفات الجلال من القهر والانتقام إلى مقتضى صفات الجمال من الكرم والرحمة أو بتنقل ملائكته من تلك السماء العليا إلى السماء الدنيا. قوله: (حيِنَ يبقى ثُلثُ الليلِ) وفي الرواية الآتية حين يمضي ثلث الليل الأول وفي الرواية بعدها إذا مضى شطر الليل أو ثلثاه قال القاضي عياض الصحيح حين يبقي ثلث الليل الآخر كذا قال شيوخ الحديث وهو الذي تظاهرت عليه الأخبار بلفظه ومعناه، قال ويحتمل أن يكون النزول بالمعنى المراد منه بعد الثلث الأول وقوله من يدعوني بعد الثلث الآخر قال المصنف بعد نقله قلت يحتمل أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - أعلم بأحد الأمرين في وقت فأخبر به ثم اعلم به وسمع أبو هريرة الحديثين فنقلهما جميعًا وسمع أبو سعيد الخدري خبر الثلث الأول فقط فأخبر به مع أبي هريرة كما ذكر مسلم في الرواية الأخيرة وهذا ظاهر وفيه رد لما أشار القاضي من تضعيف رواية الثلث الأول وكيف يضعفها وقد روى بها مسلم في صحيحه بإسناد لا

مطعن فيه عن الصحابيين أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما اهـ، وجرى عليه ابن حجر في شرح المشكاة فقال يحتمل أن يتكرر النزول عند الثلث الأول والنصف والثلث الآخر واختص زيادة الفضل به لأن النية فيه

<<  <  ج: ص:  >  >>