للأمور المهمة من غير افتقار للغير، فإن قيل اسمه الأعظم خارج عن هذه الجملة فكيف يختص عما سواه بهذا الشرف وإن كان داخلًا فكيف يصح أنه مما يختص بمعرفته بعض بني آدم وأنه سبب لكرامات عظيمة لمن عرفه حتى قيل إن من جاء بعرش بلقيس إنما جاء به بالاسم الأعظم، قلت يحتمل أن يكون خارجًا ويكون زيادة شرف التسعة والتسعين وجلالتها بالنسبة لما عداه وأن يكون داخلًا مبهما لا يعرفه بعينه إلَّا نبي أو ولي مشروطًا بشروط يتوقف على حصولها الإجابة "ثانيهما" أن الأسماء منحصرة في التسعة والتسعين والرواية المشتملة على تفصيلها غير مذكورة في الصحيح ولا خالية عن الإضراب والتغيير وقد ذكر كثير من المحدثين أن في إسنادها ضعفًا وهذا اشتباه منه إذ بعضهم حمل الخبر على الحصر وكأن المصنف لم يعتبره أو لم يبلغه كذا ذكره الحنفي ولا يخفى أن الجواب الثاني غير صحيح لصحة الأسماء اللهم إلّا أن يقال الكل موجود في هذا المعدود بحسب المعنى أو من حيث الاشتمال على المعنى ولا كلام في المستأثر وأنا قد أمرنا بالدعاء بالأسماء المشهورة على الكيفية المذكورة على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم - اهـ، وما أشار إليه بقوله اللهم إلّا أن يقال نقله الجلال السيوطي في حواشي الترمذي ولم يعين قائله في حمله والاقتصار على المذكور في الخبر مع أنه قدم الحصر فيه واقتصر عليه ابن حجر في شرح المشكاة وقال لعله أقرب وقال أبو خلف الطبري إنما خص هذا العدد إشارة إلى أن الأسماء لا تؤخذ قياسًا وقيل الحكمة فيه أنها في القرآن كما في بعض طرقه، وقال آخرون الأسماء الحسنى مائة على عدد درجات الجنة استأثر تعالى منها بواحد وهو الاسم الأعظم فلم يطلع عليه أحدًا فكأنه قال مائة لكن واحد منها عند الله وقال بعضهم ليس الاسم المكمل للمائة مخفيًّا بل هو الجلالة وبه جزم السهيلي فقال الأسماء الحسنى مائة على عدد درجات الجنة والذي يكمل المائة الله ويؤيده قوله تعالى ولله
الأسماء الحسنى فادعوه بها والتسعة والتسعون لله فهي زائدة عليه وبه يكمل المائة ونقل الفخر الرازي عن الأكثر أن الحصر فيما ذكر بعيد لا يعقل معناه والله أعلم.
ثم الأسماء من جهة دلالتها على أربعة أضرب: منها ما يدل على الذات مجردة كاسم الله تعالى على قول من يقول أنه غير مشتق لأنه يدل على الموجود الحق الموصوف بأوصاف الكمال دلالة مطلقة غير مقيدة بقيد، ومنها ما يدل على صفاته تعالى الثابتة له كالعالم والقادر والسميع والبصير وتسمى صفات المعاني، ومنها ما يدل على سلب شيء عنه، ومنها ما يدل على إضافة أمر ما له