موجود يسمع السر والنجوى ويبصر ما تحت الثرى ولا يلزم من افتقار هذين النوعين من الإدراك في الحادث إلى آلة افتقارهما إليها بالنسبة إليه سبحانه لأن صفاته تعالى مخالفة لصفات المخلوقين بالذات وإن كانت تشاركها فإنما تشاركها بالعوارض وفي بعض اللوازمِ ألا ترى أن صفاتنا أعراض عارضة معرضة للآفات والنقصان وصفاته تعالى مقدسة عن ذلك (الحَكمُ) الحاكم الذي لا مرد لقضائه ولا معقب لحكمه ومرجعه إلى القول الفاصل بين الحق والباطل والبر والفاجر والمبين لكل نفس جزاء ما عملت من خير وشر فهو من صفات المعاني وإما إلى الفعل الدال على ذلك كنصب الأمارات والدلائل الدالة عليه فيكون من صفات الأفعال ثم قالوا قيل للحاكم حاكم لمنعه الناس من التظالم يقال حكمت الرجل عن الفساد وأحكمته أي منعته ومنه قيل حكمة اللجام لمنعها الدابة عن التمرد والذهاب في غير جهة المقصد (العدْلُ) أي البالغ في العدل وهو الذي لا يفعل إلا ما له فعله مصدر نعت به للمبالغة وهو من صفات الأفعال (اللَّطيفُ) قيل معناه الملطف أي المحسن الموصل للمانع برفق كالجميل فإنه بمعنى المجمل فيكون من صفات الأفعال وقيل معناه العليم بخفيات الأمور ودقائقها وما لطف منها فيكون صفة ذات وقيل هو في أصله ضد الكثيف ومن خواصه أنه لا يحس به فإطلاقه عليه تعالى باعتبار أنه متعال عن أن يحس فيكون من الصفات التنزيهية وعليه قوله تعالى: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ}[الأنعام: ١٠٣] ثم قال: (وَهُوَ اللَّطِيفُ الخبيرُ)(الخَبيرُ) أي العليم بحقائق الأشياء وكنهها أو المخبر بما كان وما يكون فهو من صفات الذات وعلى قوله الأول فهو واللطيف يتقاربان في المعنى وإن تغايرا في المبنى ومعناهما العليم بظواهر الأمور وبواطنها وصورها وحقائقها قال تعالى: ({أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (١٤)} [الملك: ١٤]، (الحَليمُ) هو ذو الحلم والأناة الذي لا يحمله عصيان العصاة على استعجال عقوباتهم مع غاية الاقتدار ما قال تعالى: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ}[النحل: ٦١] وحاصله راجع إلى التنزيه عن العجلة وقيل هو تأخير العقوبة عن