قدر يحصل له كمال فهم ما يقرأ، وكذا من كان مشغولًا بنشر العلم، أو فصل الحكومات بين المسلمين، أو غير ذلك من مهمات الدين والمصالح العامّ للمسلمين، فليقتصر على قدر لا يحصل له بسببه إخلال بما هو مرصد له ولا فوت كماله، ومن لم يكن من هؤلاء المذكورين فليستكثر ما أمكنه من غير خروج إلى حدّ الملل أو الهذرمة في القراءة.
وقد كره جماعة من المتقدّمين الختم في يوم وليلة.
ويدل عليه ما رويناه بالأسانيد الصحيحة في
ــ
في شرح مسلم. قوله:(المَلَل) بلامين
أولاهما مفتوحة الثقل من الشيء. قوله:(والهَذْرَمةَ) بسكون المعجمة وفتح الراء المهملة سرعة الكلام الخفي. قوله:(وقَدْ كرِهَ جَمَاعَةٌ مِنَ المتقَدِّمينَ الخَتْمَ في يوْمٍ ولَيلةٍ) أخرج الحافظ عن ابن مسعود من قرأ القرآن في أقل من ثلاث فهو لأجر وقال أخرجه ابن أبي داود من طرق وأخرج أيضًا من طريق أبي عبيد عن معاذ بن جبل أنه كان يكره أن يقرأ القرآن في أقل من ثلاث رواته ثقات كما تقدم مع أثر ابن مسعود في هذا المعنى اهـ، وقد أورد القرطبي في التذكار عن ابن مسعود مرفوعًا من قرأ القرآن في أقل من ثلاث لم يفقه اهـ. قال ابن حجر في شرح المشكاة ومن لم يكره ذلك قال هذا مفهوم عدد وهو غير حجة عند الأصوليين قيل وهو المختار.
قلت أو بحمله كما تقدم في نظيره عن القرطبي على أن الحديث على سبيل التخفيف وخوف الإنقطاع. قوله:(ويَدُلُّ عليْهِ مَا رَوَينْاهُ بالأَسانِيدِ الصحِيحَةِ الخ) قال الحافظ بعد تخريجه حديث حسن غريب أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي ويتعجب من قول الشيخ بالأسانيد الصحيحة فإنه ليس له عندهم إلَّا سند واحد هو قتادة عن أبي العلاء عن عبد الله بن عمرو هكذا رواه جماعة عن قتادة ورواه بعض الضعفاء عن قتادة عن عبد الرحمن بن آدم عن عبد الله بن عمرو وهي رواية شاذة ولم أره من حديث قتادة إلَّا بالعنعنة وكأن الشيخ أراد أن له أسانيد إلى قتادة أي فإن أحمد رواه عن عفان بن مسلم ويزيد بن هارون كلاهما عن همام بن يحيى وأبو داود عن محمد بن المنهال وهما يرويان عن يزيد بن زريع وأخرجه الترمذي والنسائي عن سعيد بن أبي عروة وكلاهما عن قتادة والله أعلم.