للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

من البعد.

وقال الكِرْماني: أقول: لا نُسلِّم اجتماعهم؛ لأنَّ العادة في القوافل سيَّما في العساكر الكثيرة تفرُّقهم في أطراف المنزل لمصالح مع التخفيف على الأصحاب وطلب المرعى وغيره، خصوصًا إذا كان فيه سلطان جليل القدر فإنهم يتباعدون عنه احترامًا وتعظيمًا له.

قال العَيني: هذا ليس برد موجه لكلام التِّرْمِذي؛ فإنَّ كلامه على الغالب، والغالب في المسافرين اجتماعهم في موضع واحد؛ لأنَّ السَّفر مظنة الخوف، سيَّما إذا كان عسكر خرجوا لأجل الحرب مع الأعداء. انتهى.

وقال شيخنا: وأيضًا فلم تجر عادتهم باتخاذ خباء كبير يجمعهم، بل كانوا يتفرَّقون في ظلال الشجر وليس هناك كنٌّ يمشون فيه، فليس في سياق الحديث ما يخالف ما قاله الشافعي، وغايته إنَّه استنبط من النصِّ العامِّ معنى يخصَّصه. انتهى.

قال العَيني: هذا أكثر بعدًا من كلام الكِرْماني؛ لأنَّ فيه إسقاط العمل بعموم النصوص الواردة في الإبراد بالظُّهر بأشياء ملفقة من الخارج، وقوله: وليس في سياق الحديث إلى آخره غيرُ صحيح؛ لأنَّ الخلاف لظاهر الحديث صريح لا يخفى لأنَّ ظاهره عامَّ، والتقييد بالمسجد الذي ينتاب أهله من البعد خلافُ ظاهرِ الحديث، والاستنباط من النصِّ العامِّ معنى يخصص لا يجوز عند الأكثرين، ولئن سلَّمنا فلا بدَّ من دليل للتخصيص ولا دليل لذلك ههنا. انتهى.

قلت: غالب ما ذكره العَيني ههنا قد تقدَّم في باب الإبراد بالظُّهر في شدَّة الحرِّ، وكذا بعض ما ذكره شيخنا، وقول العَيني: ولا دليل لذلك ههنا غيرُ مُسَلَّم؛ لأنَّ الدِّليل مراعاة المعنى، فإن قال: أردت بالدَّليل النصَّ من الشَّارع قلنا: فإذًا لا يكون هذا من باب الاستنباط وإنما هو من حمل المطلق على المقيَّد. انتهى.

قوله: (وَقالَ ابنُ عَبَّاسٍ) أي عبد الله.

قوله: (في تَفسِيْرِ قَولِهِ تَعَالى: {يَتَفَيَّأُ ظِلالُهُ} [النحل: ٤٨] : أنَّ مَعْنَاهُ تَتَمَيَّلُ) كأنَّه أراد أنَّ الفيء سُمِّي بذلك؛ لأنَّه ظلٌّ مالَ من جهة إلى أخرى، وقال الجَوْهَري: تفيأت الظِّلال، أي تقلَّبت، ويتفيأ بالياء آخر الحروف، أي وفاعله محذوف تقديره: يتفيأ الظِّلَّ، ويروى: {تتفيأ} بالتاء المُثَنَّاة من فوق، أي الظِّلال، قال شيخنا: في روايتنا بالمُثَنَّاة الفوقانيَّة، والقراءتان شهيرتان.

وهذا التعليق في رواية المُسْتَمْلي وكريمة، وقد وصله ابن أبي حاتم في «تفسيره»، ومناسبته ذكر هذا عن ابن عبَّاس لأجل ما في حديث الباب من قوله: (حَتَّى رَأَيْنَا فَيْءَ التُّلُوْلِ).

(١١) (بَابُ وقت الظُّهر عِنْدَ الزَّوَالِ) أي هذا باب، ويجوز في باب التنوين على أنَّه خبر مبتدأ محذوف كما قدَّرنا، ويجوز أن يكون بالإضافة والتقدير: هذا باب يذكر فيه أنَّ وقت الظُّهر - أي ابتداؤه - عند زوال الشَّمس عن كبد السَّماء وميلها إلى جهة الغرب.

قال شيخنا: وأشار بهذه الترجمة إلى الردِّ على من زَعَمَ من الكوفيين: أنَّ الصَّلاة لا تجب بأوَّل الوقت كما سيأتي.

قوله: (وَقَالَ جَابِرٌ) أي ابن عبد الله رضي الله عنه (كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِالهَاجِرَةِ).

هذا التعليق طرف من حديث جابر ذكره البخاري موصولًا

<<  <   >  >>