للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوعيد الشديد في الترك. انتهى. قلتُ: ويُحتمل أن ضرب عمر وبلال ليس بتعزير وإنما هو ضربٌ خفيف يُشيرانِ به إلى تعليم الجاهل وتذكيرِ الناسي والله أعلم.

قوله: (أَنَّهُ قَدِمَ المَدِينَةَ) أي: من بَصْرَةَ.

قوله: (مَا أَنْكَرْتَ) أي: أَيُّ شيءٍ أنكرتَ (مِنَّا مُنْذُ يَوْمِ عَهِدْتَ)؟ وقد علمتَ أنَّ: منذَ ومُذْ حرفا جرٍّ وهو الصحيح، وقيل: اسمان مضافان، فبمعنى: مِن، يكون إن كان الزمان ماضياً، وبمعنى: في، إن كان حاضراً، وبمعنى: مِن وإلى جميعاً، إن كان معدوداً نحو: ما رأيتُه منذ يومِ الخميس أو منذ يومِنا أو عامِنا أو منذ ثلاثةِ أيام، والمعنى ههنا: ما أنكرتَ مِنَّا مِن يوم عهدتَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم؟ وقد وقع هكذا أي (مَا أَنْكَرْتَ مِنَّا) بزيادة لفظ: (مِنَّا) في رواية المستملي والكُشْمِيهَنِي، وفي رواية غيرهما: (مَا أَنْكَرْتَ مُنْذُ يَوْمِ...).

قوله: (مَا أَنْكَرْتُ شَيْئًا...) إلى آخره، يدل على أن إنكاره على ترك الواجب أو السنة المذكورة (١)، فلذلك بوب البخاري بالترجمة المذكورة. قاله العيني.

قوله: (وَقَالَ عُقْبَةُ بْنُ عُبَيْدٍ) أي بضم العين المهملة وسكون القاف، أبو الرَّحَّال بفتح الراء وتشديد الحاء المهملة، أخو سعيد بن عبيد راوي الإسناد الذي قبلَه، وليس للبخاري عن عقبة هذا إلا هذا المعلَّق.

قوله: (عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ) أي بضم الموحدة وفتح الشين المعجمة وسكون الياء آخر الحروف، ترجمته في باب من مضمضَ من السُّويق ولم يتوضأ.

قوله: (قَدِمَ عَلَيْنَا أَنَسٌ المَدِينَةَ بِهَذَا) قد وصل هذا المعلق أبو نعيم الحافظ عن أبي بكر بن مالك عن عبد الله بن أحمد عن أبيه قال: حدثنا أبو معاوية ويحيى بن سعيد، قالا: حدثنا عقبة بن عبيد الطائي فذكره، ووصله أحمد أيضاً في «مسنده» عن يحيى القطان عن عقبة بن عبيد الطائي، حدثني بشير بن يسار، قال: جاء أنس إلى المدينة فقلنا: ما أنكرتَ مِنَّا من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: ما أنكرتُ منكم شيئا غير أنكم لا تقيمون الصفوف.

تنبيه: هذه المقدمة غير المقدمة (٢) التي تقدم ذكرها في باب وقت العصر، فإنَّ ظاهر الحديث فيها أنه أنكر تأخير الظهر إلى أول وقت العصر، وهذا الإنكارُ أيضاً غيرُ الإنكار الذي تقدم ذكره في باب تضييع الصلاة عن وقتها حيث قال: لا أعرف شيئاً مما كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلا الصلاة وقد ضُيِّعَت، فإنَّ ذاك كان بالشام وهذا بالمدينة، وهذا يدل على أن أهل المدينة كانوا من ذلك الزمان أشدَّ من غيرهم في التمسك بالسنن.

فإن قلتَ: ما فائدة ذكر هذا المعلَّق وما الفرق بين الطريقين؟ فالجواب عن الأول: أن البخاري أراد بذكر الطريق الثاني بيان سماع بشير بن يسار عن أنس، وعن الثاني: أنه في الأول روى عن أنس، وفي الثاني ما روى عنه، بل شاهدَ بنفسه الحال.

(٧٦) (بَابُ إِلْزَاقِ المَنْكِبِ بِالْمَنْكِبِ وَالقَدَمِ بِالقَدَمِ فِي الصَّفِّ)

أي هذا بابٌ في بيان إلصاق المنكب بالمنكب... إلى آخره، وأشار بهذا إلى المبالغة في تعديل الصفوف وسدِّ الخلل فيه.

وقد وردَ أحاديث كثيرة في ذلك: منها: ما رواه أبو داود من حديث محمد بن مسلم بن السائب صاحب «المقصورة» قال: صليتُ إلى جنب أنس بن مالك يوماً فقال: هل تدري لم صُنِع هذا العودُ؟ فقال: لا والله. قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم


(١) كذا في (الأصل) : ((المذكورة)) ولعل الأقرب ((المؤكدة)) كما في عمدة القاري.
(٢) كلمة: ((غير المقدمة)) ساقطة في (الأصل) : والسياق يقتضيها والاستدراك من فتح الباري.

<<  <   >  >>