للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

مع الإمام بدون الانتظار، أي كما بُعْدُ المكان مؤثرٌ في زيادة الأجر كذلك طولُ الزمان، لأنهما يتضمنان لزيادة المشقة الواقعة مقدِّمَة للجماعة.

قال العيني: قد عُلِمَ من هذا أن السبب في تحصيل هذا الأجر العظيم انتظارُ الصلاة وإقامتُها مع الإمام، فإن وُجِد أحدُهُما دون الآخر فلا يحصل له ذلك، ويُعلَم من هذا أيضًا أن تأخير الصلاة عن وقت الاختيار لا يخلو عن أجر كما في تأخيرِ الظهر إلى أن يبرُد الوقتُ عند اشتداد الحر، وتأخيرِ العصر إلى ما قبلَ تغيُّرِ قرص الشمس، وتأخيرِ العشاء إلى ما قبل ثلُث الليل، وتأخيرِ الصبح إلى وقت الإسفار. فإن قلتَ: فما فائدة قوله: (ثُمَّ يَنَامُ)؟ قال الكِرماني: إشارةً إلى الاستراحة المقابِلة للمشقة التي في ضمن الانتظار. انتهى.

قال شيخنا: قيل: استُشكِل إيراد حديث أبي موسى في هذا الباب، لأنه ليس فيه لصلاة الفجر ذِكرٌ، بل آخره يُشعر بأنه في العشاء، وَوَجَّهَهُ ابنُ المنير وغيرُه بأنه دل على أن السببَ في زيادة الأجر وجودُ المشقة بالمشي إلى الصلاة، وإذا كان كذلك فالمشي إلى صلاة الفجر في جماعة أشقُّ من غيرِها، لأنها وإن شاركتها العشاء في المشي في الظُّلْمة فإنها تزيد عليها مفارقة أكثر المشتهاة طبعًا.

ولم أر أحدًا من الشُّرَّاح نبَّهَ على مناسبة حديث أبي الدرداء للترجمة إلا الزينُ ابن المنير فإنه قال: تدخل صلاة الفجر في قوله: يصلون جميعًا. وهي أخص بذلك من باقي الصلوات. وذكر بن رشيد نحوَه وزاد أن استشهاد أبي هريرة في الحديث الأول بقوله تعالى: {إِنَّ قُرْآنَ الفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: ٧٨]، يشير إلى أن الإتمامَ لها آكد.

قال شيخنا: وأقول: تفنن المصنف بإيراد الأحاديث الثلاثة في الباب، إذْ تؤخذ المناسبة من حديث أبي هريرة بطريق الخصوص ومن حديث أبي الدرداء بطريق العموم ومن حديث أبي موسى بطريق الاستنباط، ويمكن أن يقال: لفظُ الترجمة يَحتمِل أن يُراد به فضل الفجر على غيرها من الصلوات وأن يراد به ثبوت الفضل لها في الجملة، فحديث أبي هريرة شاهدٌ للأول وحديث أبي الدرداء شاهدٌ للثاني وحديثُ أبي موسى شاهدٌ لهما والله أعلم. انتهى.

قال العيني: ومما يستفاد من حديث أبي موسى: الدلالةُ على فضل المسجد البعيد لأجل كثرة الخطأ، وسيأتي بيان ذلك في الباب الذي يلي الباب الذي يلي هذا الباب، إن شاء الله تعالى. انتهى

(٣٢) بابُ فَضْلِ التَّهْجِيرِ إِلَى الظُّهْرِ

أي هذا بابٌ في بيان فضل التهجير إلى صلاة الظهر.

التهجير: التبكير إلى كل شيء والمبادرةُ إليه، يقال: هجَّر يُهَجِّرُ تَهجيرًا فهو مُهَجِّر، وهي لغة حِجازيَّة، أراد المبادرة إلى أول وقت الصلاة، وإنما قال: (إِلَى الظُّهْرِ) مع أن لفظ التهجير يُغني عنه لزيادة التأكيد، وعامة نسخ البخاري: (بابُ فَضْلِ التَّهْجِيرِ إِلَى الظُّهْرِ)، وعليه شَرْحُ ابنِ التين وغيرِه، وفي بعضها: <باب فضل التهجير إلى الصلاة> (١)، وعليه شرح ابن بطال، وهذه النسخة أعم وأشمل.

٦٥٢ - ٦٥٣ - ٦٥٤ - قوله: (حَدَّثَني قُتَيْبَةُ بن سعيد) ترجمته في باب السلام من الإسلام.

قوله: (عَنْ مَالِكٍ) أي ابن أنس، ترجمته في كتاب الوحي.

قوله:


(١) ((وعليه شَرْحُ ابنِ التين وغيرِه، وفي بعضها: باب فضل التهجير إلى الصلاة)) ليست في (الأصل) والاستدراك من عمدة القاري.

<<  <   >  >>