البخاري أيضًا عن عبد الله بن يوسف، وأخرجه مسلم في الصَّلاة أيضًا عن يحيى بن يحيى، وأخرجه النَّسائي فيه عن سُوَيد بن نصر عن ابن المبارك.
فإن قلت: هذا الحديث مسند أو موقوف؟ قال شيخنا: وإخراج المُصَنِّف لهذا الحديث مشعر بأنَّه كان يرى أنَّ قول الصحابي: كنَّا نفعل كذا، مسندٌ ولو لم يصرِّح بإضافته إلى زمن النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم، وهو اختيار الحاكم، وقال الدَّارَقُطْني والخطيب وغيرهما: هو موقوف، والحقُّ: إنَّه موقوف لفظًا مرفوع حُكمًا؛ لأنَّ الصحابي أورده في مقام الاحتجاج، فيُحمل على أنَّه أراد كونه في زمن النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم.
وقد روى ابن المبارك هذا الحديث عن مالك فقال فيه: ((كانَ النَّبِيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يصلِّي العصر)) الحديث أخرجه النسائي.
قوله: (إِلَى بَنِي عَمْرو بنِ عَوْفٍ) -بفتح العين وسكون الواو وبالفاء- وكانت منازلهم على ميلين من المدينة بقباء، قال النَّوَوي: وكانوا يصلُّون العصر في وسط الوقت؛ لأنَّهم كانوا يشتغلون بأعمالهم وحروثهم، فدلَّ الحديث على تعجيل النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم بصلاة العصر في أوَّل وقتها. وسيأتي في طريق الزُّهْري عن أنس: أنَّ الرجل كان يأتيهم والشمس مرتفعة. قال العَيني: إنَّما يدلُّ ذلك على ما ذكره إذا كان الحديث مرفوعًا قطعًا، وقد ذكرنا أنَّ في مثل هذا خلافًا: هل هو موقوف أو في حكم المرفوع؟
٥٤٩ - قوله: (حَدَّثَنَا ابنُ مُقَاتِلٍ) أي محمَّد أبو الحسن المَرْوَزي المجاور بمكَّة شرَّفها الله تعالى، وقد تقدَّم عن قريب.
قوله: (قَالَ: أَخْبَرَنا عَبْدُ اللهِ) أي ابن المبارك المتقدِّم قريبًا أيضًا.
قوله: (قَالَ: أَخْبَرَنا أَبُو بَكْرِ بنُ عُثْمَانَ) أي ابن سهل بن حُنيف -بضمِّ الحاء المهملة وفتح النُّون وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره فاء- الأنصاريُّ الأوسيُّ، سمع عمَّه أبا أمامة، مات سنة مائة.
قوله: (قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ) -أي بضمِّ الهمزة- واسمه: أسعد بن سهل، المولود في عهد النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم، وهو صحابي على الأصحِّ.
في هذا الإسناد: التَّحديث بصيغة الجمع في موضع واحد، والإخبار كذلك في موضعين، وفيه القول والسَّماع، وفيه رواية الصَّحابي عن الصَّحابي، وفيه راويان مروزيان والبقية مدنيون.
قوله: (يَقُوْلُ: صَلَّيْنَا مَعَ عُمَر بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ الظُّهْرَ) ترجمته في كتاب الإيمان.
قوله: (ثُمَّ خَرَجْنَا حتَّى دَخَلْنَا عَلَى أَنَس بنِ مَالِكٍ) أي خادم رسول الله صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم، ترجمته في باب من الإيمان أن يحبَّ.
قوله: (فَوَجَدْنَاهُ يُصَلِّي العَصْرَ، فَقُلْتُ: يَا عَمِّ، مَا هَذِهِ [الصَّلَاةُ] (١) الَّتي صَلَّيتَ؟ قَالَ: العَصْرُ، وَهَذِهِ صَلاةُ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتي كُنَّا نُصَلِّي مَعَهُ) مطابقته للترجمة ظاهرة.
وهذا الحديث أخرجه مسلم في الصَّلاة عن مَنْصور بن أبي مُزاحم، وأخرجه النَّسائي فيه عن سُوَيد بن نصر كلاهما عن عبد الله بن المبارك.
قوله: (دَخَلْنَا عَلَى أَنَس بنِ مَالِكٍ) وداره كانت بجنب المسجد.
قوله: (يَا عَمِّ) بكسر الميم، وأصله: يا عمي، فحذفت الياء، وهذا من باب التوقير والإكرام لأنس، ولكونه أكبر سنًّا منه، مع أنَّ نسبهما يجتمع في الأنصار، ولكنَّه ليس عمَّه على الحقيقة.
قوله: (مَا هَذِهِ الصَّلَاةُ) أي ما هذه الصَّلاة في هذا الوقت؟ والإشارة فيه بحسب
(١) الصلاة: ليس في الأصل.